أحيى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مساء اليوم بالرباط، الذكرى الخمسينية لاختطاف المهدي بن بركة، بحضور عدد من قيادات الأحزاب، في ما كان الغائب الأبرز عن هذا الحفل القائد التاريخي للحزب، عبد الرحمان اليوسفي. وحضرت عدد من القيادات من مختلف الأحزاب المغربية، كالأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، والقيادي التقدمي، خالد الناصري، بالإضافة إلى رئيس مجلس المستشارين الجديد، حكيم بنشماس، وقيادات اتحادية سابقة وحالية، كعبد الواحد الراضي، الذي ألقى شهادة مؤثرة عن المهدي بن بركة، ومدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، الحبيب المالكي، إلى جانب عدد من الوجوه الأخرى المعروفة في الحزب. وفي كلمة له في بداية هذا الحفل، طالب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، بكشف الحقيقة كاملة وراء اختفاء بنبركة، بعد مرور خمسين سنة من اختفائه، مطالبا بتحويل هذه الذكرى إلى "حدث وطني بامتياز ولحظة استعادة وتصالح واستشراف للمستقبل"، على حد تعبيره. وعاد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بذاكرته إلى بداية ستينيات القرن الماضي، حيث أكد أنه كان من بين الأطفال الذين يركضون خلف سيارة المهدي بن بركة إعجابا به، ومشددا على أنه بالرغم من تجربة الانصاف والمصالحة التي عرفها المغرب نهاية الألفية الثانية، "إلا أن هذه التجربة لم تكتمل بالكشف عن حقيقة اختطاف الشهيد بن بركة "، يؤكد لشكر. لشكر قال، في معرض حديثه عن تخليد ذكرى بن بركة، "كنّا نتمنى أن تتذكر الدولة أحد رجالاتها، وأن تفتح قنواتها لاستعادة ذكرى المهدي وإرساء ذاكرته، لكننا واثقون أن هذا اليوم سيأتي لا محالة". وأضاف أنه "قد استقر عزمنا على أن نجعل من ذكراه، مباشرة بعد تحملنا المسؤولية في المؤتمر الوطني، يوما لاستعادة الذاكرة الاتحادية المشرقة"، وذلك من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في المغرب، وكذا كشف الحقيقة كاملة وراء اختفاء المهدي بن بركة، يردف لشكر. كما أبرز الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن "تمسكنا لا نتوخى من ورائه إلا الحقيقة والتأسيس للمصالحة الكاملة من خلال معرفة مصيره"، وكذا تمكين عائلته الصغيرة والكبيرة من زيارة قبره. وكشف إدريس لشكر أن الاتحاد الاشتراكي قام بتسليم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره وريث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، مذكرة حول حالات الاختفاء القسري، من أبرزها حالة المهدي بن بركة. واعتبر أن ذلك يدخل ضمن الرهانات الحاسمة للعدالة الانتقالية بالمغرب، وموضحا أن الاجتماع الذي التأمت فيه قيادات اتحادية وأعضاء من المجلس الوطني، ساده "جو من الحوار الهادف والتعاون"، مذكِّرا أن المجلس وعد بتقديم تقرير شامل حول هذا الاختفاء القسري وأنه في طور الإعداد. مناشدة حقوقية الذكرى التي أحياها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في إحدى قاعات السينما بالرباط، عرفت مشاركة عدد من الناشطين الحقوقيين الذين طالبوا بالكشف عن الحقيقة الكاملة وراء اختفاء المهدي بن بركة، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك من أجل التأسيس للعدالة الانتقالية بالمغرب. وفي هذا السياق، شدد إدريس المانوزي، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، على أن ملف المهدي بن بركة يعد من بين أبرز الملفات التي لازالت عصية على الحل، مؤكدا على ضرورة تحمل القضاء لمسؤوليته بخصوص جميع ملفات الاختفاء القسري التي لم يتم الكشف عن مصير أصحابها. وأوضح المانوزي أنه باستثناء بعض الاجتماعات، فإن التحريات قد توقفت منذ انتهاء هيئة الانصاف والمصالحة من أشغالها، مضيفا أن الأصل في مثل هذه الملفات هو إرساء ضمانات لعدم التكرار، ومعتبرا أن قضايا جبر الضرر ومساءلة المسؤولين هي حقوق ثابتة وغير قابلة للمقايضة، في حين إن عدم تكرار هذه الحوادث، بحسب المانوزي، يعني أن المغرب مقبل على الديمقراطية. بوبكر لاركو، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، اعتبر بدوره أن ملف الاختفاء القسري، الذي تقدمت فيه هيئة الإنصاف والمصالحة، "لازال ناقصا"، خاصة في ما يتعلق بملف له رمزيته كملف المهدي بن بركة، حيث كشف أن المنظمة تقدمت بمذكرة حول هذا الاختطاف لكل من الوزير الأول الفرنسي والوزير الأول المغربي، وطالبت بإحداث لجنة من أجل رفع السرية عن كل الوثائق المرتبطة بهذا الملف. أما عبد الإله بن عبد السلام، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فقد شدد، في معرض حديثه عن المهدي بن بركة، على أن الجمعية لا زالت تناضل من أجل وضع اللبنات التي كان يدعو إليها الراحل، باعتباره "واحدا من أهم الأهرامات المطالبة بالديمقراطية". وأكد المتحدث ذاته أن "مسؤولية المغرب وفرنسا والكيان الصهيوني ثابتة"، على حد تعبيره، إلا أن التستر على الحقيقة لازال قائما، محملا جزء كبيرا من مسؤولية هذا الملف لنظام الملك الراحل، الحسن الثاني.