حالة من الاصطفاف والاصطفاف المضاد بين مكونات الأغلبية انطلقت مع أولى جولات مناقشة مشروع قانون المالية بمجلس النواب، حيث تباينت مواقف نواب فريقي العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، والتجمع الوطني للأحرار، حول صندوق التنمية القروية. وانتقل الجدل القائم بين مؤيد ومعارض حول تفويت صلاحيات الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي لصالح وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، وسحب البساط من تحت أقدام رئيس الحكومة، عبد الاله بنكيران، الذي أعرب عن عدم علمه بالأمر بعبارَة "مَا فْرَاسِيشْ"، (انتقل) إلى الأغلبية الحكومية نفسها، اليوم الأربعاء في مجلس النواب. ففي الوقت الذي تحدث فيه عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، عن مساع للأغلبية لتعديل المادة الثلاثين من مشروع قانون المالية، أعلن وديع بنعبد الله، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، رفض فريقه أي تعديل يمس هذه المادة، معلنا انتصاره لوزير الفلاحة والصيد البحري على حساب رئيس الحكومة. وقال رئيس فريق "الحمامة" بمجلس النواب، خلال مناقشة مشروع قانون المالية في لجنة المالية، "فريقنا متشبث بأن يكون صرف الصندوق مطابقا لما جاء في المشروع الذي بين أيدينا"، مطالبا مكونات الأغلبية أن تتقاسم معه هذه القناعة، حفاظا على الانسجام والعمل المشترك، الذي ميز عمل هذه الحكومة، والذي كان دوما مفتاح القفزة النوعية التي عرفتها. وديع بنعبد الله دعا "إلى الابتعاد عن كل حسابات سياسوية نحن في غنى عنها، وفي هذه الظرفية بالذات"، مسجلا "أن كل هذا يأتي نظرا للحساسية السياسية، والحساسية العملياتية لصرف هذا الاعتماد، وبالنظر أيضا للأشواط والمراحل المؤسساتية التي مر منها مشروع القانون". حزب التجمع الوطني للأحرار دعا الدولة إلى مضاعفة جهودها لتحسين البنية التحتية للمناطق القروية، من خلال تشجيع الاستثمار، وخلق فرص الشغل في البوادي والقرى، وبناء المزيد من المراكز الصحية والمدارس، وتعبيد الطرق، وتوفير الماء الصالح للشرب والكهرباء والنظافة والنقل المدرسي، وجميع الخدمات الأساسية اللازمة لضمان كرامة المواطن القروي. وفي مقابل تشبث الأحرار ببقاء الصندوق تحت تصرف الوزير أخنوش، اتخذ فريق العدالة والتنمية موقفا مناقضا، مطالبا بإعادة النظر في المقتضيات الواردة في مشروع قانون المالية 2016 بعيدا أي حساسيات أو حسابات. وإن أعلن فريق العدالة والتنمية تثمينه لهذا المشروع الكبير، إلا أنه دعا إلى ضرورة تجاوز أي تشويش عليه، وإلى احترام المنطق الدستوري ومنطق العمل داخل المؤسسات وتراتبية المسؤوليات كما هي محددة دستوريا وقانونيا، مسجلا أن ما تضمنه المشروع يتناقض مع المنطق الذي يجب الاشتغال به في تدبير مثل هذه المشاريع المندمجة. محمد يتيم، في كلمة باسم فريق العدالة والتنمية، قال: "إن المنطق الدستوري والمنطق القانوني ومنطق التراتبية في المسؤولية لا يحتمل إلا أن يكون المشرف عليه والآمر بالصرف فيه هو رئيس الحكومة"، مبرزا أن "برنامج الصندوق يهم أكثر من عشر وزارات ومؤسسات عمومية كبرى، خاصة أن إنجازه سيتم وفق التعاقدات بين الوزراء ومديري المؤسسات العمومية التابعة لمختلف القطاعات الحكومية، وهو ما يتعين منطقيا أن يتم تحت إشراف رئيس الحكومة". يتيم دعا في مداخلته الى التأسي بالخطاب الملكي الذي وسع من مجال العمل داخل هذا الورش الاجتماعي الكبير، ودعا إلى "إدماج هذه المشاريع ضمن التوجه الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، والحرص على إشراك الجماعات الترابية، وذلك "في إطار البرامج المقبلة للمجالس الجهوية والمحلية، لما أصبحت تتوفر عليه من موارد هامة واختصاصات واسعة".