يهتمّ هواة الفروسية التقليدية في مختلف المناطق بتجهيز الخيول للرفع من مستوى جمالية مظهرها، خاصة إبّان المشاركة في المهرجانات و"المواسم" والأعراس وغيرها من المناسبات. وتعتبر السروج أهم ما يستأثر باهتمام جمهور ومحبّي "التبوريدة"، ما يدفع المهتمين إلى التنافس في اقتناء أجملها وأغلاها وأتقنها صناعة. مرّت الصناعة التقليدية للسروج بفترات تاريخية متأرجحة بين الازدهار والاندثار، كما عاشت في السنين الأخيرة منافسة وُصفت بالشرسة في مواجهة آلات ومعامل الخياطة وتقنياتها العصرية التي تميّزت بالسرعة وتنوع الزخارف؛ غير أن محافظة الصناعة اليدوية على الجودة والإتقان أعادت لها الثقة وساهمت في انتعاشها من جديد. ويزداد الطلب على السروج بُعيد موسم الحصاد، إذ تعوّد محبو الفروسية التقليدية في تلك الفترة من السنة تنظيم "المواسم" احتفاء بالموسم الفلاحي، بالإضافة إلى أيام المناسبات الدينية والوطنية؛ ما يدفعهم إلى تجديد تجهيزات الخيول وإعدادها بشكل يليق بقيمتها، كما يحاولون قدر الإمكان تشكيل "سربات" متناسقة من حيث ألوان السروج وشكلها وطريقة صنعها. هشام السقاط، أحد صنّاع السروج، أوضح في تصريح لهسبريس، أن سوق "السقّاطين" عُرف قديما بجمعه للحرفيّين، بيد أن صناعة السروج بدأت تندثر منذ سنوات الثمانيات والتسعينيات، إلى أن بقي شخصان فقط سنة 1994 متشبّثين بهذه "الصّنعة"، مشيرا إلى أنه انطلاقا من سنة 2000 أُعطيت دفعة قوية لهذا المجال من خلال مسابقة نظّمتها المرحومة "لالة أمينة" بدار السلام، إلى جانب معارض ومبادرات أخرى قامت بها مؤسسة دار الصانع داخل وخارج أرض الوطن. وأوضح هشام السقاط أن السرج التقليدي يتشكّل من 34 قطعة، ويصل عدد الحرفيين المشاركين في صناعته إلى 14 حرفيا، منهم النجار والحداد والخياط...، وذلك بهدف الوصول إلى منتوج في المستوى العالي، مضيفا أن أثمنة السروج تتراوح بين ثلاثة آلاف درهم وأزيد من ستّين ألف درهم، وذلك حسب المواد الذي تدخل في صناعتها، كالصقلي والحرير الحر، والتي غالبا ما تقدم كهدايا لكبار الشخصيات. ومن جانب آخر، أكّد المتحدث ذاته أن بعض الحرفيين يستعملون آلة الخياطة والحاسوب لصناعة السرج وتطريزه، غير أن عيوبه تظهر بعد أسبوع من استعماله في "التبوريدة"، في حين تحافظ السروج المغربية التقليدية الأصيلة على حالتها الأولى رغم مرور 10 إلى 15 سنة من الاستعمال المتواصل، مشيرا إلى أنه كلما استُعمل السرج إلا وزاد جماله. وزاد هشام أن المهتمين بالسروج اقتنعوا بأفضلية الصناعة اليدوية التقليدية الأصيلة، فأصبحوا يرفضون اقتناء أو استعمال غيرها، حتى وإن كانت مجانية، مشيرا إلى أن هذه الحرفة بدأت تسترجع قيمتها، خاصة في ظل الإقبال عليها من طرف فرق الفروسية التقليدية الراغبة في الحصول على سروج موحّدة من حيث الأشكال والألوان والزخارف.