خصصت وزارة الصحة غلافا ماليا يناهز 3 ملايين درهم خلال السنوات الأربع الماضية لمكافحة داء المناعة المكتسبة (السيدا) داخل السجون المغربية، الذي تتراوح نسبة الإصابة به ما بين 0.3 بالمائة و2.5 بالمائة، حسب دراسات صادرة عن وزارة الصحة، مع برمجة ميزانية إضافية قدرها 2.5 مليون درهم للفترة ما بين 2015 و2017، وفق ما أفاد به وزير الصحة الحسين الوردي. وقال الوردي، في افتتاح الندوة الوطنية حول "الصحة في السجون: أي نظام لرعاية صحية أفضل بالوسط السجني"، صباح اليوم الاثنين، إن عددا من المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة قدمت أزيد من 42 ألف استشارة طبية، و1500 عملية استشفاء، و400 عملية جراحية، لفائدة السجناء المغاربة خلال سنة 2014، بالإضافة إلى حملات للتطعيم ضد مرض التهاب السحايا لفائدة 4000 من السجناء. وزير الصحة أكد أن فئة السجناء من بين المستفيدين من نظام المساعدة الطبية "راميد" لتغطية حاجياتهم الصحية، نظرا لما يعيشونه من هشاشة اجتماعية واقتصادية، مشيرا إلى أن عددا من الإكراهات لا زالت تواجه القطاع من أجل تحسين ولوج هذه الفئة إلى الخدمات الصحية ذات الجودة. من جهته، أكد محمد صالح التامك، المندوب العام للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، على أهمية ولوج السجناء إلى خدمات صحية جيدة كتلك التي يستفيد منها باقي أفراد المجتمع، والعمل على استفادة جميع السجناء من جميع الخدمات الطبية باعتبارهم فئة هشة، موضحا أن رعاية السجون أولوية لدى المندوبية التي تخصص طبيبا واحدا لكل 800 سجين، وطبيب أسنان واحد لكل 1200 سجين؛ كما يصل معدل الفحوصات إلى 6 في السنة لكل سجين. التامك لم يخف تواجد عدد من الإكراهات التي لا زالت تحد من نجاعة الإجراءات التي تم تبنيها في مجال الصحة والتطبيب، ومن أهمها إدماج الخدمات الطبية التي تستهدف الحاجيات الخاصة لهذه الشريحة الهشة من المجتمع، موضحا أن للوسط السجني خصوصيات تتمثل في الاكتظاظ والنقص الحاصل في الأُطر الطبية، ومخاطر اقتناء الأدوية على ميزانية المندوبية، وصعوبة الاستفادة من مصحات وأطباء القطاع الخاص، فضلا عن المشاكل الأمنية وصعوبة الكشف بالأشعة والتحاليل؛ ما يؤدي إلى اللجوء إلى القطاع الخاص. وتساءل مندوب إدارة السجون عن أفضلية الإبقاء على الوضع الحالي الخاص بنظام الرعاية الصحية بالوسط السجني، مقابل تفويض الشق الصحي والخدماتي والتجهيزي لوزارة الصحة. الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أجاب سريعا على تساؤل التامك، حين ألح على إسناد الصحة في السجون المغربية إلى وزارة الصحة، مشيرا إلى أن صحة السجناء متهالكة، إلى جانب انعدام العناية الكافية بالمصابين بأمراض مزمنة، لافتا إلى أن المؤسسات السجنية تساهم في إصابة السجناء بأمراض نفسية وعقلية، إذ سجل المجلس في تقريره الأخير 150 حالة وفاة بالسجون المغربية، ضمنها 6 حالات انتحار. وشدد الصبار على ضرورة اعتبار المعتقل المريض مواطنا مريضا كأولوية، منتقدا غلبة الهاجس الأمني على حق السجناء في التطبيب، وأن المعتقل المريض يعول في كثير من الحالات على المعتقلين الآخرين، داعيا إلى تفادي إبطال قرارات الأطباء في ما يخص الحاجة إلى الاستشفاء. وكشف الصبار أن السجينات يشكلن 2.5 بالمائة من مجموع السجناء، مشيرا إلى أن احترام حقوق السجناء يتم بشكل أقل عندما يتعلق الأمر بالنساء، اللواتي تعانين أكثر في حالات الحمل، داعيا إلى تخصيص الرعاية للمعتقلات وأطفالهن، وضمان ولادة داخل المستشفيات العمومية، فضلا عن تفادي تسجيل مكان ولادة طفل داخل المؤسسات السجنية. إيف سوتيراند، ممثل منظمة الصحة العالمية بالمغرب، ثمن المجهودات التي يقوم بها المغرب من أجل تجويد التشخيص والتطبيب داخل السجون، معتبرا أن هذه الفئة تعتبر أكثر هشاشة وعرضة للمخاطر الصحية، خاصة تلك المتعلقة بالأمراض السارية وغير السارية، موضحا أن السياسة الصحية للسجناء يجب أن تمثل جزءا لا يتجزأ من السياسة الصحية الوطنية. وقال سوتيراند إن السجن مكان يمكن أن يساهم في تفشي أمراض معدية، أو يؤدي إلى الإصابة بأمراض عصبية ونفسية، قد تؤدي إلى حالات انتحار، داعيا إلى العمل على التقليل من انتشار العدوى من أجل العيش في وسط صحي خال من الأمراض المعدية.