قبل أقل من أسبوع من الانتخابات التشريعية المبكرة، يضاعف حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجهود لاستعادة الأكثرية المطلقة التي خسرها قبل خمسة أشهر، وسط أجواء توتر أذكاها هجوم أنقرة والنزاع الكردي. واجتمع رئيس الوزراء ورئيس الحزب أحمد داود أوغلو أمس مع أنصاره في أسطنبول سعيًا لتكذيب استطلاعات الرأي التي توقعت بإجماع شبه تام "تكرار" استحقاق 7 يونيو الماضي. وأحرز الحزب الذي حكم البلاد بلا منازع منذ 13 عامًا 40,6% من الأصوات بخسارة نحو عشر نقاط مقارنة بنتيجته في 2011 وفقدان الأكثرية المطلقة. واعتبرت هذه النتيجة خسارة شخصية لأردوغان الذي ألقى بكامل ثقله في الانتخابات على أمل أن يحرز حزبه الفوز الكاسح الضروري لفرض "الرئاسة المعززة" التي يحلم بها. ونظرًا إلى الفشل في تشكيل حكومة ائتلافية اتجه داود أوغلو إلى انتخابات نيابية مبكرة ستجري يوم فاتح نونبر المقبل وسط أجواء مختلفة تمامًا. فمنذ أواخر يوليو تجددت المواجهات الدامية بين قوى الأمن التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني والتي نسفت عملية السلام الهشة التي بدأت في خريف 2012. بعد ثلاثة أشهر على هجوم انتحاري مشابه في مدينة سوروتش المتاخمة لسوريا، شهدت تركيا في 10 أكتوبر الجاري، الهجوم الأكثر دموية في تاريخها والذي نسب إلى تنظيم الدولة الإسلامية. واستهدف تفجير مزدوج تظاهرة سلام لأنصار القضية الكردية في وسط أنقرة وأدى إلى مقتل 102 منهم. أما الحكومة التي تخوض "حربًا على الإرهاب" فلم تعد ترفع خطاب تحويل النظام إلى رئاسي وبدا أعضاؤها يتوالون على المنابر لتصويرها ضمانًا لأمن البلاد ووحدتها استنادا إلى مقولة "إما أنا وإما الفوضى". تأجيج التوتر- وهذا الأسبوع صرح داود أوغلو متوعدًا "إذا فقد حزب العدالة والتنمية السلطة فستجوب عصابات الإجرام البلاد وستعود سيارات "توروس البيضاء" في إشارة إلى السيارات التي استخدمتها "فرق الموت" في التسعينيات والمسؤولة عن كثير من أعمال القتل والخطف في جنوب شرق البلاد. وقال أردوغان "لن نترك هذا البلد يحترق بالنار المشتعلة في المنطقة، لن نسمح بأن يصبح بلدًا يتعزز فيه موقع الخونة". واعتبرت السلطة في حملتها الانتخابية الحزب الأهم الموالي للأكراد، حزب الشعوب الديموقراطي، عدوها اللدود، بعد أن أسهم إلى حد كبير في حرمانها الأكثرية المطلقة بفوزه ب13% من الأصوات في يونيو. كما اتهمت الحزب بشكل منهجي بأنه "متواطئ" مع "إرهابيي" حزب العمال الكردستاني. لكن رئيس الحزب صلاح الدين دميرتاش الذي اضطر إلى إلغاء تجمعاته العامة الكبرى خشية التعرض لهجمات جديدة، بادر كل مرة إلى الرد على أردوغان وحكومته عبر وسائل الإعلام، واتهمه بالمسؤولية عن تجدد النزاع الكردي وتشجيع الجهاديين. وقال بعد هجوم أنقرة إن "الدولة سفاحة"، وعلى الخط نفسه، تنتقد سائر قوى المعارضة السلطة وتتهمها بتأجيج التوتر لتحقيق أهدافها.