صورة من الأرشيف لمحامين مغاربة أكد عبد العزيز النويضي , رئيس جمعية "عدالة" من أجل استقلال القضاء والباحث في القضايا الدستورية, ضمن ندوة فكرية نظمتها الجمعية بالرباط بشأن إصلاح القضاء بالمغرب، أن العرقلة الأساسية التي تحول دون إصلاح شامل للقضاء بالبلاد تتمثل في عدم وجود إرادة سياسية حقيقية تنطلق من كون القضاء مرفقا عموميا و سلطة يجب أن تكون مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. وأشار النويضي يوم الجمعة الماضي في معرض حديثه عن العراقيل الدستورية لعدم إصلاح القضاء بالمغرب , إلى انه لا يمكن أبدا الحديث عن وجود دستور للدولة من دون أن يكون هذا الأخير حصيلة لتوافق سياسي.. كما أبرز أن السلطة التأسيسية في مغرب ما بعد الاستقلال ظلت محتكرة من طرف الملك.. وهو ما يفسر استمرار العمل إلى حد الآن بدستور 1996 الذي أضعف البرلمان و الحكومة وزاد من قوة السلطة الملكية, و هو ما دفع بالنويضي إلى الإقرار بأن "المغرب لا يتوفر على دستور حقيقي" وأنّ "النص الدستوري مازال غامضا في العديد من المجالات" من قبيل أنه لا يوضح مدى سمو المعاهدات الدولية على القضاء كما يغيّب وضوح تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء. كما أبرز النويضي أن غياب آلية فعالة للرقابة على دستورية القوانين, زيادة على عدم إخضاع أعمال الملك لرقابة القضاء, تعدّ من العراقيل الأساسية التي تحول دون إصلاح شامل للقضاء.. انطلاقا من الظهائر الملكية التي لا تخضع لمراقبة قضائية إضافة لتدخل الملك في مسلسل القضاء من خلال ممارسته ل "حق العفو" في بعض القضايا قبل أن تنطق فيها أحكام نهائية. وأشار النويضي أيضا إلى أن إصلاح القضاء بالمغرب يجب أن ينطلق من القيام بإصلاحات دستورية تؤسس لاستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، كيفما كان نوعها، وعن الغير، مهما كان نفوذه وتأثيراته المختلفة، ليكون التأثير الوحيد على القاضي ناتجا عن سلط الحق والقانون والضمير. أمّا مداخلة النقيب محمد أقديم خلال ذات الندوة فقد أكد خلالها على أنه لا يمكن الحديث عن إصلاح القضاء بالمملكة دون وجود تنصيص على استقلال حقيقي للسلط في الدستور , وأن تحقيق هذا المطلب رهين بتوفر إرادة سياسية حقيقية لمعالجة هذا الملف, مبرزا أيضا بأن موضوع إصلاح القضاء قد ظل منذ عقود يثار في مختلف المناظرات دون أن يتمكن أي من وزراء العدل المتناوبين على القطاع من فتح هذا الورش أو إنجاز الإصلاح المطلوب, بل ظل الإصلاح يعتمد مقاربات ترقيعية معتمدة على آليات بسيطة تواكب مبتغى النظام السياسي.. وأردف النقيب أقديم بأنه يتعين محاربة الفاعلين القضائيين المنخرطين في الارتشاء، من محامين و قضاة فاسدين، لتحقيق إصلاح قضائي شامل. وفي سياق متصل, شددت مداخلة عبد الرحمان بنعمرو, وهو نقيب سابق لهيأة المحامين بالرباط، بأن النظام السياسي المغربي قد استشرى به الفساد حتى أضحى حجر عثرة أمام أي إصلاح مأمول للقضاء.. بل وأضحى، حسب قول بنعمرو، يحمي جرائم النظام السياسي القائم.. في حين أوضح جعفر حسون, العضو السابق بالمجلس الأعلى للقضاء والرئيس السابق للمحكمة الإدارية بمراكش، أن إصلاح القضاء قد غدا حاجة ملحة تفرضها دواعي خارجية وأخرى داخلية في ظل هبوب رياح ثورات الشعوب العربية, مبرزا أن هذا الإصلاح يجب أن ينطلق من ضرورة إعادة النظر في مؤسسات المجلس الأعلى للقضاء، والودادية الحسنية للقضاة التي تتحاشى الخوض في المسائل المهنية, زيادة على وزارة العدل التي يجب أن تكون مستقلة عن أي ضغوطات تفرضها السلطتان التنفيذية و التشريعية.. كما شدد حسون على ضرورة ‘يلاء الجانب الثقافي للقضاة الأهمية اللازمة والاهتمام بأوضاع شغيلة القطاع ومعرفة محيط عملهم وتحركهم، مع قطع التعامل الذي ينظر من خلاله إلى قضايا المواطن بأنها لا تستحق التعامل بعدل وتأنٍّ.