شهدت نهاية الأسبوع الماضي حركة حثيثة ولقاءات مكثفة بين زعماء الأحزاب السياسية، سواء في الأغلبية أو المعارضة، وذلك في إطار سعي كل تنظيم سياسي للحصول على مساندة لمرشحه في انتخاب رئاسة مجلس المستشارين. وأفضت كل هذه اللقاءات إلى تنافس ثلاثة أسماء على رئاسة الغرفة الثانية من البرلمان، ويتعلق الأمر بكل من عبد اللطيف أعمو ك"مرشح للأغلبية"، وعبد الصمد قيوح كمرشح لحزب الاستقلال، وحكيم بن شماس مرشحا عن حزب الأصالة والمعاصرة. وحسب المعلومات التي حصلت عليها هسبريس فإن التوصل لترشيح عبد اللطيف أعمو، عن حزب التقدم والاشتراكية، جاء بدعم من صلاح الدين مزوار، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، كما أن اتفاق الأغلبية على اسم مرشحها جاء بعد اللقاء الذي جمع بين قادة حزب الاستقلال والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في بيت هذا الأخير، و"كانت شروط بنكيران هي أن يصدر قادة حزب الاستقلال بيانا يعلنون فيه تبرأهم من حزب الأصالة والمعاصرة، بالإضافة إلى التبرؤ من مواقف حميد شباط ضد الحكومة"، تؤكد مصادر الجريدة، بيد أن قادة حزب الاستقلال لم يشاطروا بنكيران التصور نفسه. وطرح اختيار أعمو، كمرشح للأغلبية للظفر برئاسة مجلس المستشارين، أكثر من تأويل، خصوصا وأنه جاء باقتراح من صلاح الدين مزوار، بين من يرى أن هذا الاختيار جاء كإشارة إلى رغبة زعيم "حزب الحمامة" في تهدئة الأجواء داخل الأغلبية، بعد ما شاب انتخابات المجالس الجهوية من تحالف بين أحزاب مرشحي الأغلبية والمعارضة؛ أما القراءة الثانية لهذا الترشيح فتفيد بأن حزب التجمع الوطني للأحرار، ومعه الحركة الشعبية، يرومان من وراء هذا الترشيح "التقليص" من حظوظ قيوح في المنافسة على الرئاسة؛ وبالتالي سيكون بن شماس أكبر المستفيدين من هذا الوضع. اختيار ثلاثة أسماء للتنافس على منصب رئيس مجلس المستشارين سيجعل الحسم من الدور الأول أمرا جد صعب، ذلك أنه سيكون على المرشح الحصول على 61 صوتا من أصل 120 للظفر بالرئاسة، ولهذا فإن هذه الانتخابات ستحسم في دورها الثاني، ولن تكون أصوات الأحزاب السياسية هي الحاسمة فيها فقط، بل هناك أصوات ممثلي الباطرونا التي مازالت مترددة في تقديم مرشحها أو سحبه؛ هذا بالإضافة إلى أصوات ممثلي الغرف المهنية. عودة ال"جي 4" أكد أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم منار السليمي أنه ليس هناك مرشح للأغلبية وآخر للمعارضة، مستدلا على ذلك بطبيعة التحالفات التي تم عقدها طيلة المسلسل الانتخابي، ابتداء بالغرف المهنية، ووصولا إلى مجالس الجهة، مضيفا أن "التحالفات خلال الانتخابات السابقة بينت مع من يقف كل طرف". وتوقع السليمي أن تزيد الانتخابات الحالية من "أزمة التحالف الحكومي"، موضحا أن التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية قررا تقسيم الأصوات بين مرشح الأغلبية ومرشحي المعارضة، وأن "قادة حزبي الحمامة والسنبلة يريدون إرسال رسالة لمرشح الأغلبية مفادها أننا لسنا مسؤولين عن تصويت أعضاء حزبينا"، وفق تعبير السليمي، الذي شدد على أن "حالة الارتباك التي تعيشها الأغلبية تجعل من حظوظ مرشحها ضعيفة". وأكد السليمي أنه في حال قرر حزب العدالة والتنمية استغلال هذه الانتخابات بطريقة سياسية، فإنه يمكن أن يصوت لصالح مرشح حزب الاستقلال، "وهنا سيقلب المعادلة السياسية"، أما في حال أصر حزب "المصباح" على مرشح الأغلبية "فإنه سيفسح المجال لفائدة مرشح الأصالة المعاصرة". وتابع المحلل السياسي أن هناك حزبين "يتمردان" على الأغلبية وينزعان نحو التصويت لفائدة مشرح المعارضة، "ويتعلق الأمر بكل من الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار"، مردفا أن هذا "التمرد" يعيد تكوين مجموعة أسماها "الجي 4"، والمكونة من التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة، بالإضافة إلى اللامنتمين"، أما عن تداعيات هذا "التمرد"، فقد اعتبر السليمي أنه يفتح أمام العدالة والتنمية فرصة استغلال هذا الوضع، وتوظيفه في الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها العام المقبل.