أزيد من 5600 نسمة هو تعداد سكان مدينة آيت باها، بوابة المنطقة الجبلية لإقليم "اشتوكة آيت باها"، والذين لا يزالوا يعيشون تحت رحمة الأضرار الناجمة عن تلبّد سماء مدينتهم بأدخنة نابعة من مطرح للنفايات. فعند مدخل المدينة، وعلى بُعد أمتار قليلة عن التجمعات السكانية ومقرات الإدارات العمومية والمؤسسات التعليمية والصحية، أُنشئ مطرح عشوائي للتخلص من أطنان النفايات، تتصاعد منه الأدخنة الخانقة بدون انقطاع، لتحل ضيفة – وبدون استئذان – على قاطني الأحياء البهاوية، ناهيك عن الروائح المنبعثة منها، والتي تزكم الأنوف؛ دون إغفال ما يشكله موقع المطرح، الكائن بمحاذاة أحد أهم المحاور السياحية بالجهة، من تشويه للمنظر العام ولجمالية مدخل المدينة، فضلا عن الأضرار المُلحقة بالبيئة. أحمد، إطار تربوي يقطن بحي "تيبروين"، يحكي لهسبريس كيف يواصل مطرح النفايات "تعذيب" ساكنة الأحياء، بسبب الانبعاث المتواصل للأدخنة الناجمة عن عملية حرق النفايات؛ ما يتسبب في انتشار الأمراض التنفسية والحساسية.، و"تزيد المعاناة عند الأطفال والرضع، الذين يُحرمون منذ ولادتهم من استنشاق هواء نقي"، يستطرد أحمد، الذي وصف طرح النفايات بالموقع الحالي ب"الاختيار غير الموفق وغير المحسوب العواقب". الملاحظة ذاتها يتقاسمها محمد، موظف جماعي، مع أحمد وعموم الساكنة، والذي أورد في إفادته حول الموضوع أن صحة القاطن بآيت باها تخرج عن دائرة اهتمام القائمين على تدبير الشأن الجماعي، فبعيدا عن الأضرار البيئية، يبقى إحراق النفايات أكبر مُعضلة تواجه ساكنة المدينة، "ووحدها الأدخنة الممزوجة بالروائح المقززة، المتواصلة في التصاعد بسماء الأحياء السكنية وبالشوارع، تجعلك تُقرر عدم المكوث بآيت باها إلا لدقائق، إلا أن ظروف العمل، مع الأسف، لا تسمح"، يقول محمد بنبرة حادة. "مدينة هادئة، ذات موقع إستراتيجي ومؤهلات طبيعية وإيكولوجية تُغري بالزيارة؛ وتَمَيُّز طبيعتها التضاريسية والتراثية والعلمية والثقافية، لم يمنع "تلويث" هذا الرصيد السياحي بمطرح عشوائي بمدخل المدينة، يستقبلك بمنظره المشوه، وبروائحه المتطايرة مع الأدخنة، ما يعكر صفو الاستمتاع بالعيش في هذه الرقعة الهادئة"، بهذه العبارات، اختار سعيد، صاحب مطعم بالشارع الرئيسي، التعبير عن تداعيات حرق النفايات بالمطرح المذكور، مضيفا أن سياحا أجانب يحلون زبناء على مطعمه، يُثيرون على استمرار موضوع الروائح المنتشرة بآيت باها، والتي تفسد لحظات إقامتهم بالمدينة، وفق إفادة المتحدث. وتعليقا على الموضوع، ترى جمعية "بييزاج"، الناشطة في مجال البيئة، ضمن تقرير توصلت به هسبريس، أن المزبلة المشتعلة ببلدية آيت باها تنغص عيش وراحة الساكنة المجاورة لها، وتسبب أضرارا كثيرة للإنسان والبيئة على السواء، مشددة على ضرورة إعمال القانون رقم 00-28، الذي ينص على وجوب وقاية الإنسان والوحيش والنبات، والمياه والهواء والتربة، والأنظمة الطبيعية والمناظر الطبيعية، من الآثار السلبية والضارة بصفة عامة للنفايات. رئيس الجمعية ذاتها، رشيد فاسح، وصف المطرح ب"المزبلة المشتعلة"، موضحا، في تصريح لهسبريس، أن عملية إحراق الأزبال بطريقة مستمرة، بغرض التخلص منها، مخالفة للتشريعات المؤطرة للمجال، فالمادة 7 من القانون السالف تنص على منع إحراق النفايات في الهواء الطلق، "في حين أن ما عاينته الجمعية هو إحراق تام للنفايات المختلطة بمواد البلاستيك المختلفة والعجلات المطاطية والنفايات الطبية ونفايات المجازر والنفايات الفلاحية، والتي تتجاوز النفايات المنزلية، مطالبا السلطات والمنتخبين بالتدخل لحماية سلامة المواطنين وبيئتهم. ودعت الجمعية، في تقريرها الذي تتوفر عليه هسبريس، إلى اتخاذ تدابير إجرائية استعجالية للوقاية والحد من آفات العديد من المطارح المشتعلة، والحد من توسعها على صعيد جهة سوس ماسة، والتي تؤثر على الساكنة المجاورة، وتجعلها تعيش تحت رحمة الأدخنة السامة والخانقة، ومن شأنها أن تَحُدَّ من المجهودات المبذولة قانونيا وتشريعيا، ماليا وبشريا، في هذا الإطار، كما تتعارض والتزام المغرب للحد من انبعاث الغازات الدفيئة والاحترار الكوني، حتى لا تبقى القوانين مجرد حبر يجف مع التصويت عليها.