أنهى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مسلسل تفكيك جهاز الاستخبارات والأمن بإقالته ، اليوم الأحد ، الفريق أحمد لمين مدين المعروف باسم "توفيق" الذي قضى ربع قرن على رأس الجهاز المخابراتي الجزائري. ويؤشر هذا القرار/الحدث لنهاية مسلسل بدأت ملامحه تظهر قبل سنتين عندما مر جناح بوتفيلقة إلى السرعة القصوى في تفعيل مخطط مراقبته الشاملة لكل دواليب الدولة، من خلال تعيين رجال ثقة في مناصب حساسة. وب"الإحالة القسرية" لهذا الرجل الذي يرى فيه المراقبون آخر عقبة ، بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، أمام الجناح الرئاسي، يكون رئيس الدولة قد أحكم قبضته على المؤسسة العسكرية، كطموح لم يكن يخفيه منذ توليه حكم البلاد سنة 1999، وهي الحقيقة التي كشف عنها عدد من مساعديه السابقين سواء في مؤلفاتهم أو في خرجاتهم الإعلامية. فبعد فترة طويلة من تعايش هش بين الرجلين القويين في الجزائر، خرجت الخلافات بينهما من دائرة السرية إلى العلن بعد دخول عبد العزيز بوتفليقة المستشفى في باريس في أبريل 2013 إثر إصابته ب"نوبة إقفارية" قيل لحظتها إنها "عابرة". في هذه الفترة، تملكت لدى الفريق توفيق رغبة في القيام بانقلاب أبيض، بشنه حملة شرسة لتطبيق الفصل 88 من الدستور الذي يفيد بشغور منصب الرئاسة، وهي حالة تستوجب إقالة الرئيس لعدم قدرته على تسيير البلاد. وهذه الحملة لم تكن لترضي جناح الرئيس بوتفيلقة الذي رد عليها بداية من شتنبر 2013 بقرار رئاسي بحل بعض مديريات قسم الاستعلامات والأمن أو إلحاق بعض مسؤوليه بالقيادة العليا للجيش الجزائري (الجيش الوطني الشعبي حسب التسمية الجزائرية)، ضمنهم قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي عين نائبا لوزير الدفاع في التعديل الحكومي ل11 شتنبر. وحينها، اعتبر أن تعزيز موقع الفريق قايد صالح في هذا التعديل كان بمثابة دق أول مسمار في نعش الفريق توفيق الذي لم يتراجع إلى الوراء، بل صعد موقفه بإعلان معارضته ترشح بوتفليقة لولاية رابعة في رئاسيات 17 أبريل 2014، وفق تسريبات صحفية. وأسابيع بعد هذا الاقتراع، أطلق الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (حزب النظام) عمار سعداني حملة تشهير غير مسبوقة ضد قسم الاستعلامات والأمن ورئيسه، باتهامهما بالسعي بالتدخل في الحياة السياسية، وبالتقاعس في حماية البلاد، خاصة الفشل في منع الهجوم ضد الموقع الغازي لعين أميناس (جنوب) في يناير 2013. ولم تكن هذه الاتهامات سوى مقدمة لقصف آخر سيتوالى على الفريق توفيق، أتى هذه المرة من مناضلين وجمعيات المجتمع المدني، الذين حملوه مسؤولية الفساد الذي استشرى في كافة القطاعات وفي جميع جوانب الحياة في البلاد. ومباشرة بعد فوزه بولاية رابعة من خمس سنوات، بدأ بوتفليقة في رد الصاع صاعين للفريق توفيق بتعيين الفريق عثمان طرطاق الملقب ب(بشير) في منصب مستشار لدى رئاسة الجمهورية، لتظهر ملامح تفكيك جهاز الاستعلامات خاصة وأن الفريق طرطاق الذي كان ضمن هذا الجهاز لم يكن على علاقة جيدة مع الفريق توفيق. وأنهى الرئيس الجزائري ، اليوم الأحد ، صراعه مع الفريق محمد لمين مدين بإنهاء مهامه وإحالته على التقاعد، وتعويضه على رأس قسم الاستخبارات والأمن بالفريق عثمان طرطاق، ليصبح الجناح الرئاسي قادرا على تدبير المرحلة اللاحقة بوجود المسؤول الجديد على جهاز الاستخبارات والفريق قايد صالح في القيادة العليا للجيش. *و.م.ع