أضحت التحالفات المشكّلة لمجالس الجماعات والمقاطعات والجهات حديث الساعة، فإعلان نتائج الانتخابات ليوم 4 شتنبر الجاري لم يشكّل نهاية الجدل الخاص بهذا الموعد السياسي، بل إن النتائج فتحت النقاش واسعًا أمام طبيعة التحالفات داخل كل مدينة أو جهة، لا سيما مع التبارز السياسي بين أحزاب الأغلبية وأحزاب المعارضة، وإعلان كل طرف عن رغبته في تشكيل تحالفات لا يستنجد فيها أيّ طرف بالطرف الآخر. غير أن واقع التحالفات الحالي بين أحزاب المعارضة والأغلبية لم تحترم أبدًا ما تم الالتزام به من خطوط حمراء بين الطرفين، خاصة بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة المعاصرة، القريبين من تحالف يتيح إسقاط التجمعي الطالبي العلمي الذي ترّشح في آخر لحظة للظفر برئاسة بلدية تطوان، وبالتالي استمرار ادعمار محمد، عن حزب العدالة والتنمية، في رئاسة المجلس للولاية الثانية على التوالي. لعبة التحالفات بين مكوّنات المعارضة والأغلبية لم تبين فقط غياب خطوط حقيقية تفصل بين المعسكرين كما وقع في آسفي عندما تحالف المصباح مع الميزان، بل أكدت إمكانية تحالف مكوّن من الأغلبية مع مكوّن من المعارضة لأجل إسقاط زميله في الأغلبية، كما يمكن أن يحدث في تطوان، كما أن فيدرالية اليسار، التي أكدت قبل وبعد النتائج أن تحالفها مع العدالة والتنمية يعد خطًا أحمر، تحالفت معه في مدينة أزمور لتشكيل الأغلبية. ويصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، إدريس لكريني، التحالفات الواقعة ب"تزوير لإرادة الناخب" الذي يجد نفسه أمام مجلس جماعي مكوّن من أحزاب لم يخترها لأجل تسيير مدينته أو جماعته، مشيرًا إلى أن غالبية التحالفات الواقعة حاليًا بين المعارضة والأغلبية تأتي عكس ما صرّح به قياديوها خلال حملاتهم الانتخابية، عندما تفننوا في كيل الاتهامات لبعضهم البعض، بل إن منهم من بنى شعبيته على هذه الاتهامات. ويتابع لكريني في تصريحات لهسبريس أن خطابات القياديين خلال الحملات الانتخابية كانت ب"منزلة تعبئة للناخبين لأجل التصويت لصالحهم نكاية في المرّشحين الآخرين، كما أن الناخبين عاقبوا عددًا من المرّشحين بعدم التصويت لصالحهم كي يرحلوا عن تسيير الشأن المحلي لمدنهم وقراهم، لتأتي هذه التحالفات التي لا تحترم أصوات الناخبين، وتتيح للمرّشحين المعاقبين العودة إلى المجالس من نافذة التحالفات، ممّا يُساهم في تمييع المشهد السياسي". وزاد لكريني أن الكثير من التحالفات الواقعة حاليًا لا تعكس الخريطة السياسية التي أنتجتها صناديق الانتخابات، متحدثًا أن التحالف بين مكوّنات من الأغلبية والمعارضة يجب أن يبقى استثناءً في بعض المناطق ولأجل مصلحة المدينة أو القرية وليس انعكاسًا للمصالح الشخصية للمرّشحين، خاصة إن علمنا أن هناك منهم من يدفع الأموال لأجل إقناع مرّشحي اللوائح الأخرى بإدخاله في دائرة التحالفات. وأورد الأستاذ الجامعي ذاته أنه من أسباب هذه الفوضى في التحالفات عدم احترام الديمقراطية الداخلية للأحزاب، واعتماد هذه الأخيرة على تزكية كائنات انتخابية يمكن أن تتحالف مع أيّ كان لأجل مصالحها، فلو كانت الأحزاب لا تزكي غير مناضليها، ما كثرت هذه التحالفات الهجينة، يقول لكريني.