تعيش الأغلبية الحكومية وضعًا صعبًا في إطار التحالفات الخاصة بترؤس الجهات والجماعات الحضرية والقروية والمقاطعات، وذلك بعد اضطرار الكثير من المترّشحين باسمها إلى اللجوء إلى أحزاب المعارضة لأجل تكوين تحالف يضمن أغلبية مريحة، أو بعد خروج بعض قيادييها عن الاتفاقات المسبقة بتقسيم مناصب الرئاسة، خاصة رشيد الطالبي العلمي، عن حزب الحمامة، الذي أعلن عن ترّشحه لرئاسة بلدية مدينة تطوان. فخلافًا للاتفاق الذي جمع بين العدالة والتنمية والأحرار بجعل رئاسة جهة سوس-ماسة تؤول للأحرار في حين تؤول بلدية تطوان إلى العدالة والتنمية، وبعدما أكد الطالبي العلمي في تصريحات سابقة لهسبريس أنه لن يترّشح لرئاسة المدينة كي لا يشكل ترّشحه أيّ مشكل في تفاوض الأغلبية على الجهات والمدن الكبرى، خرج الرجل ذاته، ليلة أمس الأربعاء، بإعلان ترّشحه لبلدية تطوان، منافسًا مرّشح العدالة والتنمية. ترّشح الطالبي أدى إلى خيبة أمل واضحة بين صفوف عدد من أعضاء العدالة والتنمية، إذ أكدت مصادر من داخل الحزب لهسبريس تذمرها من ترّشح العلمي خلافًا لما هو متوقع، وخلافًا لبيان حزب التجمع الوطني للأحرار الذي أكد التزامه الكامل بالتحالف مع مكونات الأغلبية فيما يخصّ رئاسة الجهات والمدن، لا سيما وأن العدالة والتنمية تنازل عن جهة سوس-ماسة التي حصل فيها على 23 مقعدًا، بينما لم يكن نصيب الأحرار سوى 11 مقعدًا. وكان من المتوقع أن تؤول رئاسة بلدية تطوان إلى وكيل لائحة العدالة والتنمية بعد الاتفاق الذي جرى بين حزبه وحزب التجمع الوطني للأحرار، خاصة وأن حزب المصباح حصل على المركز الأول في انتخابات بلدية المدينة ب23 مقعدًا، ثم الأحرار ب16 مقعدًا، غير أن ترّشح الطالبي العلمي أعاد إلى الواجهة الكثير من الشائعات التي ترددت حول تحالف للأحرار مع حزبي "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" لتكوين أغلبية بالمدينة، وبالتالي إقصاء العدالة والتنمية. الأخبار التي ترددت سابقًا، أشارت إلى تحالف ل"لأحرار" مع "الجرار" على مستوى جهة طنجة-تطوان يمكّن من صعود إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي وضع ترشيحه رسميًا لرئاسة الجهة، مقابل تمكين الطالبي العلمي من رئاسة المجلس البلدي لمدينة تطوان، ممّا يقصي مرشح العدالة والتنمية، سعيد خيرون من رئاسة الجهة ويمنحها للحزب الحاصل على المركز الأول في الانتخابات، أي حزب الجرار. وتشير آخر المعطيات أن نور الدين مضيان، مرّشح حزب الاستقلال، تراجع عن ترشيح اسمه لرئاسة جهة طنجة-تطوان، ممّا يعبّد الطريق أمام إلياس العماري للفوز بالرئاسة، لا سيما وأن الفارق الذي يفصل بين مجموع أحزاب المعارضة عن أحزاب الأغلبية يصل إلى مقعد واحد كفيل بمنح الرئاسة للقيادي في حزب الجرار. التصدّع الذي خلّفه ترّشح الطالبي العلمي يؤكد وجود مشكل واضح في احترام ما التزمت به أحزاب الأغلبية الحكومية من ضرورة عقد تحالفات الجهات والجماعات والمقاطعات في إطار احترام منطق الأغلبية، وذلك بعدما تبيّن أن هناك مدن كثيرًا اختار فيها حزب العدالة والتنمية التحالف مع مكوّنات في المعارضة، كما وقع في مدينة آسفي، ومدينة سيدي بنور، وجماعة القليعة نواحي أيت ملول، ومن هذه المكونات، حزب الأصالة والمعاصرة الذي أكد بدوره سابقًا على أن التحالف مع العدالة والتنمية يعد خطًا أحمر.