من خلال المقتضيات الدستورية و القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات . اذا كانت الاستحقاقات الانتخابية المقبل تحمل رهانات سياسية بالنسبة للأحزاب فأنها تشكل مناسبة كذلك لإختبار مدى قدرة الجماعات الترابية على إدماج المجتمع المدني في التدبير و كذلك تطببق المقتضيات الدستورية والقانونية المرتبطة بالديمقراطية التشاركية . تعتبر الديمقراطية التشاركية من بين أهم الآليات التي يتم من خلالها العمل على توسيع المشاركة في اتخاد القرار العمومي و من بين أهم المداخل لتحقيق المشاركة المدنية المواطنة في مجال السياسات العمومية ، و لا شك ان الديمقراطية التشاركية في فلسفتها جاءت للاجابة عن الاشكالات المرتبطة بفلسفة الديمقراطية التمثيلية سيما مايرتبط بلحظية هذه الديمقراطية و كذا اشكاليات حقوق الاقليات. لقد تضمن دستور 2011 العديد من الفصول المؤطرة للديمقراطية التشاركية لا سيما في الفقرة الاولى من التصدير حيث نجد أن : المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. و الفصل الأول حيث يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة أما الفقرة الثالثة من الفضل 12 فتنص على: تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون أما الفصل 13 فلقد حث السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. كما أنه يمكن للمواطنات والمواطنين، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع.و كذلك لهم الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية.وويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق. ذلك حسب منطوق الفصلين 14 و 15 . لكن هذا الاعتراف الدستوري بالديمقراطية التشاركية يقتضي التوليف بين الغايات السياسية و الوسائل التدبيرية للمشاركة المباشرة في الشأن الترابي. إن القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات ينص على ضرورة إعمال مباديء الديمقراطية التشاركية المنصوص عليها ف ي المواد الدستورية السالفة الذكر حيث نجد فكيف تعاطى القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات مع الديمقراطية التشاركية ؟ تحدث لدى مجلس الجماعة هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مباديء المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع تسمى هيئة المساواة وتكافؤ الفرص و مقاربة النوع كما ينص على ذلك منطوق المادة 120 من القانون التنظيمي 113.114 . كما تعتبر آلية تقديم العرائض من قبل المواطنين و المواطنات و الجمعيات المنصوص عليها في الباب السادس من نفس القانون التنظيمي أحد اهم تنزيل الديمقراطية التشاركية في التدبير الترابي رغم التنصيص على بعض الشروط التي نعتقد انها مجحفة مقدمي العرائض مثل ضرورة التوفر على شروط التسجيل في اللوائح الانتخابية . و في الأخير فإن تفعيل هذه المضامين الدستورية و القانونية يفرض تقوية الديمقراطية التمثيلية كذلك لأن الديمقراطية التشاركية لاتعني التبخيس من قيمة العمل السياسي و الانتخابي ..