اهتمت الصحافة الفرنسية بواقعة توقيف الصحفيين الفرنسيين إيريك لوران وكاثرين غراسيي من قبل الشرطة الفرنسية إثر اتهامهما بابتزاز الملك محمد السادس، ومطالبته بمبلغ ثلاثة ملايين أورو كي لا يتم نشر كتاب جديد ألفاه حول القصر الملكي، إذ خيّم الخبر على عناونين كبريات الجرائد الفرنسية، لا سيما مع مكانة الاثنين، خاصة إيريك لوران الذي ألّف الكثير من الكتب الاستقصائية حول السياسة الدولية. جريدة الهافنغتون بوست، في نسختها الخاصة بفرنسا، نقلت عن قصاصة لوكالة الأنباء الفرنسية، تأكيد شركة les Editions du Seuil، وهي الشركة التي يتعامل معها عدد من المؤلفين في فرنسا لنشر كتبهم، عزم لوران وغراسيي نشر كتاب حول الملك محمد السادس، وقد كان من المرتقب أن يخرج شهر يناير أو فبراير 2016، كما نقلت الجريدة تصريح نيكولا بو، زميل غراسيي في كتاب "حاكمة قرطاج" عن زوجة زين العابدين بن علي، قوله إنه تحت الصدمة، بما أن "كاثرين ليست من النوع الذي يقوم بمثل هذه الأفعال". جريدة لوموند تابعت هي الأخرى القضية، ونقلت تصريحات نيكولا بو، إذ قال: "كنت ألتقي بكاثرين بشكل دوري، وكنت أعلم أن لديها مشروع هذا الكتاب. إذا كنتم تعرفونها، سيثير هذا الخبر ذهولكم، فهي صحافية مستقلة ودقيقة في عملها"، وهو الاستغراب ذاته الذي عبّر عنه زميلها المغربي السابق عمر بروكسي، إذ تحدث فيها نشرته "لوموند": "عملنا سويًا عامي 2002 و2003، لذلك فنحن تحت الصدمة، وإلى حين ظهور معطيات جديدة، فقرينة البراءة هي من تطبق حاليًا". لوفيغارو تابعت الواقعة بدورها، ونقلت عن محامي الملك السادس الذي أوقع بالصحفيين قوله إنّ الكتاب كان نظرة ب360 درجة على المغرب، غير أنه لم يطلع عليه، متحدثًا أن الفساد لن يكون بالضرورة السبب الذي أدى بإيريك لورتنت إلى تقديم هذا العرض، إذ يمكن التفكير، حسب المعطيات المتوفرة، في أن الصحفيين تم استخدامها من طرف مجموعة، أو حركة إرهابية، لأجل ضرب استقرار النظام، وذلك في انتظار نتائج التحقيق، يقول المحامي. في موقع قناة RTL الذي كان تقريبًا أوّل من نقل هذا الخبر، صرّح المحامي ذاته أن لوران الذي ألّف سابقًا كتابًا عن الملك الحسن الثاني، عبارة عن حوار مطوّل معه في مساره الملكي (يتعلّق الأمر بكتاب ذاكرة ملك) كان شخصًا مداحًا ممجدًا، والآن صار شخصًا مبتزًا. مشيرًا إلى أنه يعلم بعدم وجود أيّ تسريبات قويّة في الكتاب، بل ليس هناك شيء مثير للاهتمام فيه، وذلك بعدما قاد الصحفيين إلى توقيع عقد، تحت مراقبة، يشتريان فيه صمتهما. في مقال رأي له بموقع mediapart، كتب إيريك إيغيو، أن عالم الصحافة والإعلام بفرنسا لم يشهد سابقًا فضيحة من هذا النوع، مضيفًا: "كيف وصلنا إلى هذا المستوى من الانحطاط الذي ستكون له نتائج خطيرة؟ تأليف كتب ضد رؤساء الدول الأجنبية صار أمرًا شائعًا في فرنسا حيث يعمل الصحافيين على تحليل أنظمة يصفونها بغير الديمقراطية والمرتشية"، متحدثًا كيف أن الظاهرة أضحت نوعًا من المضايقة المستمرة وطريقة للصحفيين لأجل الحصول على الأموال غير القانونية، مبرزًا أنه عندما تنتشر مثل هذه الممارسات في بعض المهن، تحتاج هذه الأخيرة إلى جيل لأجل تصحيحها، وهو ما يستدعي من الآن أن يعمل رجال ونساء الصحافة بفرنسا على تنظيف مهنتهم. وليست هذه هي الجرائد والمواقع الوحيدة التي ذكرت الخبر، فموقع قناة فرانس 24 كذلك خصّص تغطية للحدث، كما نشرته جريدة ليبراليون وموقع مجلة لوبوان وموقع 20 دقيقة، كما اهتمت به عدد من الصحف الإسبانية، ووكالات دولية منها وكالة الأنباء الفرنسية والأسوشتيد بريس، بل إن الخبر وصل إلى موقع إذاعة RFI بالبرازيل.