على هامش الانتخابات الجماعية ل 4 شتنبر 2015 في خضم استحقاق الانتخابات الجماعية التي يشهدها بلدنا، لن يخطأ الملاحظ المتتبع لغمارها مبادرات محمودة تمثلت في تقدم بعض الفاعلين الجمعويين في مجال الإعاقة من ذوي الإعاقة أنفسهم ، لولوج تجربة المشاركة السياسية بالترشح باسم أحزاب مختلفة ، وهذا شيء لطالما أوصت به العديد من الملتقيات التشاورية التي تناولت الحقوق السياسية والمدنية للأشخاص ذوي الإعاقة على الصعيد الوطني . وضمن هؤلاء الأصدقاء تتواجد المرأة في وضعية إعاقة بشكل ملفت ومثلج للصدر فهذا سيساهم في تغيير النظرة والاتجاهات المجتمعية السلبية تجاه الإعاقة والموصومة دوما بالعجز وعدم القدرة والحاجة الدائمة للآخرين، كما أن الحركة الحقوقية في مجال الإعاقة كانت في الموعد ونظمت دورات تكوينية خاصة في التمكين السياسي لهذه الفئة كما نظمت لفائدتها و لمختلف الفاعلين السياسيين"الأحزاب السياسية" على المستوى المحلي لقاءات وندوات لمناقشة إدماج الشباب من ذوي الإعاقة في الاستحقاقات الانتخابية والتوعية بإلزامية توفير الظروف التي تتيح لهم ممارسة حقوقهم سواء في الترشيحات أو الاقتراع ،انطلاقا من أن إدماج الأشخاص دوي الإعاقة في نسيج المجتمع و ضمان مشاركتهم في السياسات المحلية والوطنية كما هو الحال بالنسبة لسائر الفئات الاجتماعية هو رسالة للمجتمع بأكمله. وعلى الفاعلين السياسيين الاعتراف بأهمية دور و فاعلية هذه الفئة التي من حقها المشاركة الفاعلة القائمة على المساواة و الاحترام. إن التمكين السياسي للأشخاص في وضعية إعاقة مدخل أساسي لتعزيز هذه المشاركة الفعالة والمواطنة، بالولوج إلى فضاءات تدبير الشأن العام ولعب دورهم في الترافع من أجل إدراج بعد الإعاقة في عمل وبرامج مختلف الأطراف الفاعلة في التنمية المحلية، خصوصا أن الدستور المغربي يؤكد على ضرورة إدماج الإعاقة في سياسات وبرامج التنمية الشاملة على كافة المستويات، ووضع برامج واستراتيجيات من شأنها إعادة تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع. وذلك انسجاما مع روح الاتفاقية الدولية لحقوق هذه الفئة والالتزامات التي تنص عليها الشرعة الدولية التي صادق عليها بلدنا ويتعين إعمالها لتحقيق تكافؤ الفرص بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة وخاصة ما تعلق منها بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية. ولن يتأتى ذلك إلا بتفعيل دور الأحزاب الوطنية في تأطير المواطنين على اختلاف وضعياتهم ومشاربهم المجتمعية ، ودفعها للعمل على المساهمة في إبراز نخب سياسية في صفوف الأشخاص ذوي الإعاقة ، بالإضافة إلى دعم ولوجهم للاستشارات الانتخابية والمشاركة السياسية وصولا إلى المساهمة في صناعة القرار. دون أن نغفل أهمية توعية هؤلاء بحقهم في التصويت و توفير التدابير التيسيرية لتمكينهم من ممارسة حقهم و تساعد على أداء واجبهم الوطني بكل سهولة بإتاحة جميع الإمكانيات الممكنة (وجود إشارات وصور إرشادية، وجود ولوجبات، طاولات مناسبة، توفير معلومات عن المرشحين بطريقة برايل، الكترونيا أو بحرف مكبرة ).. كما على منظمات مناصرة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة العمل بالمقاربة المزدوجة التي تحتم الاشتغال على المجتمع والنظم لجعلها دامجة ، بالتواصل مع المنتخبين من أجل توعيتهم بوجود تشريعات متعلقة بالإعاقة، وحقوق التزمت بلادنا على المستوى الدولي بإعمالها ،وفي الآن نفس الاشتغال مع ذوي الحقوق من خلال الرفع من الوعي السياسي لذوي الإعاقة ، وتنظيم دورات تدريبية للنهوض بقدراتهم، وإشراك ذوي الطاقات منهم والثقة في كفاءتهم داخل الهياكل الحزبية ، في أفق وضع تدابير واليات تعمل على ضمان التمثيل السياسي لنسبة من المقاعد في الهيئات المنتخبة لتعزيز حضور ذوي الإعاقة في تسيير الشأن العام. إن ما نصت عليه الوثيقة الدستورية لسنة 2011، في هذا الإطار" دور المجتمع المدني في الشأن العام ، يعد «مكسبا هاما يتعين ترجمته في مجال وضع السياسات والتشريعات الوطنية»، بوضع إصلاحات جوهرية بغرض تحقيق التحول المنشود، و إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في بلورة البرامج والسياسات تخطيطا وتنفيذا وتقييما، و اعتماد مقاربة تشاركيه مع مكونات المجتمع المدني العامل في مجال الإعاقة انطلاقا من أن المشاركة السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة «حق أساسي» يمكنهم كما أسلفنا من مواكبة ، مناقشة واعتماد المشاريع التي تهم قضية إدماجهم في المجتمع إضافة إلى القوانين الخاصة بإعمال حقوقهم عبر اعتماد الولوجيات كلغة الإشارة والبرايل وغيرها من وسائل التواصل البديلة والمعززة من أجل ضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى المعلومة . ويبقى أملنا أن يحقق الأخوات والإخوة نتائج محفزة في هذه الاستحقاق الهام ، فتواجدهم بهيئات تدبير الشأن العام المحلي والجهوي سيساهم لا محالة في الجهود المبذولة من قبل كافة الفاعلين في الحركة الحقوقية للأشخاص ذوي الإعاقة ، فالطريق لا زال طويلا ، والجهود يجب أن تتضافر وتتكاثف لمحاربة التمييز على أساس الإعاقة والعمل من داخل الهيئات المؤثرة في التنمية على إدراج بعد الإعاقة في المخططات والسياسات العمومية لفتح المجال أمام هذه الشريحة من المجتمع لتساهم في حركية مجتمعها والتعامل مع قضاياها من منطلق حقوقي وليس على أساس إحساني. كما سيساهم تواجدهم هذا في تعبئة الأحزاب السياسية وصانعي القرار، والترافع عن الأشخاص ذوي الإعاقة لتحقيق مواطنتهم ومشاركتهم في صناعة القرار السياسي،وإرساء مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وإزاحة الحواجز التي تحول دون مشاركتهم ، والارتقاء بذلك بالنقاش السياسي حول قضايا الإعاقة ليصبح نقاشا عموميا ومجتمعيا وجعله في صلب اهتمام ومكونات المجتمع المدني.