بين مياه سواقي تسلطانت الجارية وأشجار الزيتون الوارفة، يحكي "محماد السيكليس" كفاحه الطويل الذي امتد لأكثر من ثلاث عقود من الزمن، كفاح ساير بدوره التطورات التي عرفتها هذه المنطقة، والتي تنطبق عليها أغنية عبد الحليم "الماء والخضرة والوجه الحسن". تسلطانت تنتمي إلى المدار القروي، ويمثلها قرابة خمسة وعشرون دوارا بضاحية مدينة مراكش غربا، وتضم ساكنة تصل إلى أكثر من ستين ألف نسمة، فيما يعد دوار سيدي موسى المركز الحيوي لكل المنطقة"، يؤكد محماد، في عقده الرابع، والأب لثلاثة أطفال. ويقول محماد الذي فتح صدره لهسبريس "في غياب المدرسة، كثير من الأطفال مثلي عانوا من الأمية والهدر المدرسي"، مضيفا "ونحن أطفال لم يكن آباؤنا قد ولجوا بنا المستشفيات، حين كنا نمرض كما هو الحال اليوم، حيث وسائل الاستشفاء عرفت تحسنا مضطردا". وبلغة المحلل الاجتماعي والسياسي يردف محماد، الذي يخوض معركة ضد الفقر وسط "جنة تاسلطانت" بالقول "اليوم رغم النقص الذي مازلنا نلاحظه في مغربنا عموما، ومنطقة تسلطانت خاصة، في مجال الصحة والتعليم ودور الرياضة والثقافة، إلا أن معالم التطور نراها جلية في تواجد عدد من المرافق الاجتماعية بالمنطقة.. "نطمح إلى المزيد" يؤكد محماد وهو يتناول وجبة فطوره المكونة من الشاي الأخضر المنعنع، والخبز البلدي المدهون بزيت الزيتون الأصلي للمنطقة، تحت ظلال أشجار الزيتون التي تزيد المكان بهاء بخضرته في صبيحة يوم مشرق وساخن من أيام شهر غشت. "أنا محماد السيكليس، طالب معاشو.. يهتف الرجل مودعا، هاأنذا اليوم أرى ابني وأبناء منطقتي يلجون المدرسة، وطرقا معبدة واسعة تتباهى بها جماعتي؛ إلا أني مازلت الأب الفقير مثل العشرات هنا، ويوم حصولي على شغل رسمي من خلاله أضمن قوت عيش أطفالي، سأكون بذلك أسعد مراكشي بتسلطانت المزدهرة".