تابعت قيادة البوليساريو والجزائر خطاب الملك محمد السادس في الذكرى ال 16 لعيد العرش، بكثير من الانزعاج، وبادرتا إلى الرد على مضامينه بخصوص الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية، حيث صاغت البوليساريو "بيانا" فضح الحالة السيكولوجية المتردية لقيادة "عبد العزيز" و"البوهالي"، وهي تواجه الاحتجاجات المتزايدة لسكان المخيمات. واختارت السلطات الجزائرية دفع إعلامها العمومي إلى رفض مشروع الجهوية المتقدمة في الصحراء، فيما صرح وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة، بحضور وزير خارجية سلطنة عمان في زيارته الأخيرة للجزائر، بأن المغرب متورط أحداث غرداية التي أسفرت عن عدة ضحايا. ويعلق الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، على هذا الانزعاج بالقول إن مضمون خطاب العرش يزيد من متاعب قيادة البوليساريو الضائعة، كما أنه يُثقل كاهل الرئيس الجزائري المريض، وشقيقه الحاكم، وجنرالاته ال13 المحيطين به". وأورد المحلل بأن "المشترك بين قيادة البوليساريو والجزائر في انزعاجهما من خطاب العرش يتمثل في خوفهما من المستقبل، فلا أحد من حكام الجزائر أو مخيمات تندوف يُدرك إلى أين يتجه"، مبرزا أن هناك "ثلاث أسباب رئيسية تفسر انزعاج قيادة البوليساريو والجزائر من خطاب العرش. استشعار الضياع السبب الأول، وفق اسليمي، يكمن في الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية، فقيادة البوليساريو تدرك أن النموذج التنموي بمثابة المقدمة الأولى نحو الحكم الذاتي المعروض على المفاوضات، وأن المغرب لا يمكنه الاستمرار في انتظار الاختفاء البيولوجي ل"عبد العزيز" وزوجته و"البوهالي". وتابع بأن "المغرب لا يمكنه أيضا انتظار الاختفاء البيولوجي لجنرالات الحرب الباردة في الجزائر لإحداث تحول في الملف، فالمغرب يدرك جيدا أن قضية الصحراء جزء من اللعبة السياسية التي يحكم بها الجناحان الجزائريان المتصارعان: الشقيقان بوتفليقة والجنرال توفيق مدين. ولفت الباحث إلى أن قيادة البوليساريو تخاف من الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية، المعلن في الخطاب الملكي عن قرب الشروع في تطبيقه، لكونه يأتي مقرونا بتعديل دستوري، وبهندسة ترابية جديدة وانتخابات جماعية وجهوية قادمة ستُمَكن نخبة الأقاليم الجنوبية من امتلاك وتثبيت النموذج التنموي بين أيديها.. وأما السبب الثاني الذي يفسر انزعاج الجزائر والبوليساريو من خطاب العرش، يضيف اسليمي، فهو استشعار البوليساريو للضياع القادم، وشعور الجزائر بفشل مناوراتها في ملف الصحراء، بالنظر إلى مضمون خطاب العرش الذي أشار إلى الصرامة التي أبداها المغرب في الدفاع عن قضيته الوطنية أمام المجتمع الدولي، وصواب الموقف المغربي على المستوي الأممي. واسترسل بأن الخطاب الملكي لعيد العرش أعاد التذكير بخطاب المسيرة الخضراء المحدد لمرجعيات ملف الصحراء في اللاءات الخمسة: لا لتغيير طبيعة النزاع، لا لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض، ولا لمحاباة الطرف الحقيقي في النزاع، ولا لمحاولة التوازي بين دولة عضو في الأممالمتحدة وحركة انفصالية، ولا لإعطاء الشرعية لحالة انعدام القانون بتندوف. حليب القذافي وفق ذات الخبير السياسي فإن السبب الثالث يقترن بكون العبارة الواردة في الخطاب الملكي لعيد العرش، والتي تدعو الجميع إلى "مواصلة اليقظة والتعبئة من أجل التصدي لمناورات الخصوم"، تُزعج القيادة في البوليساريو والجزائر، لأنها تنبه إلى مخاطر المناورات القادمة منهما" يورد اسليمي. وأردف المتحدث بأن المؤشرات مرتفعة المخاطر، وتشير إلى خطة البوليساريو والجزائر لتسريب قيادات إرهابية نحو المناطق الجنوبية بجوازات سفر جزائرية أو سورية أو تونسية أو ليبية، منها جواز سفر جزائري سُلم لشخص من الأقاليم الجنوبية مُتورط في جرائم ضد القوات العمومية أثناء أحداث اكديم إزيك". "البوليساريو وقيادة الجزائر تُدرك مضمون الخطاب الملكي الداعي إلى اليقظة من المناورات القادمة، بأنه يتجاوز الإشارة إلى مناورات الدبلوماسية الجزائرية في الملتقيات الدولية، إلى جيل جديد من المناورات التي تسعى إلى تنفيذ عمليات إرهابية فوق الأراضي المغربية، وهذا ما يفسر رد فعل البوليساريو في بيانه، والجزائر عبر وسائل إعلامها"، يورد ذات المحلل. وأكد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية أن خطاب العرش يضع قيادة البوليساريو، وحليفتها الجزائر، أمام خيارات التغيير، فالإعلان عن قرب الشروع في تطبيق المغرب للجهوية المتقدمة والنموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية، يُخلخل في العمق بنية المخيمات، ويضعها أمام خيار وحيد، هو خيار العودة والاندماج". وخلص الخبير إلى أن "انزعاج الجزائر والبوليساريو من خطاب العرش يُخفي وراءه جيلا جديدا من المؤامرات القادمة ضد المغرب، نتيجة اليأس والضياع والخوف من المستقبل لدى قيادات عبد العزيز، والبوهالي في البوليساريو، والسعيد بوتفليقة، والقايد صالح، وتوفيق مدين، والبشير طرطاق في الجزائر، مبرزا أن "المشترك بين قيادتي الجزائر والبوليساريو هو رِضاعة كلاهما ل"حليب معمر القدافي".