لقد شهد المغرب تحولا دستوريا احدث منعطفا تاريخيا في مسار الحركة الاتحادية، من النضال من اجل دسترة الخيار الديمقراطي إلى النضال من اجل ترسيخ هذا الخيار ببنية تحتية تتمثل في الحداثة، هذا الوعي المتقدم و المسئول جعل الاتحاديات و الاتحاديين يجمعون في المؤتمر التاسع على شعار نعم من اجل الديمقراطية و الحداثة و اختيار المعارضة المؤسساتية الواعية والمسؤولة للدود عن المكتسبات و مواجهة كل انحراف في توجيه الخيار الديمقراطي. غير أن هناك من استغل حالة الخلاف التنظيمي ليكشف عن ميولاتهم الانتهازية بالمزايدة على المشروع السياسي و اختيار الارتماء في أحضان قوى التدين السياسي بغية الاستفادة من الريع الحكومي، بعدما ركبوا على الحراك الشبابي للوصول للبرلمان ضدا على الإرادة الشعبية التي سبق ورفضتهم في الانتخابات الجماعية في قلعة الشهيد المهدي بنبركة. إن تموقعهم آنذاك في القيادة كانت فلسفته تتلخص في إسماع صوت الشباب وما يقتضيه ذلك من روح التضحية ونكران الذات و تغليب مصلحة الآجال القادمة عوض الغرق في النزعة الذاتية المقيتة . إلا أنهم وصلوا للبرلمان ضد فلسفة القانون و ضد مقومات الاشتراكي. و ها هم الآن ضد المشروع الجماعي يكرسون ممارسات قمة في الانحطاط الأخلاقي، وذلك بالمزايدة على المشروع السياسي و الانخراط ضمن قوى التدين السياسي لوأد المشروع الحداثي الديمقراطي، محاولين إقناع الذات، عبر الاختباء وراء شعارات لا يفهمون مغزاها متخلين على المبادئ الراسخة و منجرين أمام نوازع الذاتية . فبدل الانتصار للوضوح القيمي والدفع بالجيل الجديد، اتجهوا في مسار بهلواني لعرقلة الحراك الشبابي من اجل تكريس الاختيار الحداثي، متحالفين مع قوى المسخ السياسي مقابل مآرب مرضية، و ضدا على القيم الاتحادية الأصيلة التي تفرض الوضوح و التضحية بالغالي و النفيس من اجل إعلاء روح القيم. فالاتحاد الاشتراكي كحاجة مجتمعية، مدعو للدفع في اتجاه الوضوح سياسي و القيمي ليس بالجمل الثورية ، بالركض نحو الغنيمة ، عبر مظلة قوى التدين السياسي، فمعركة الحداثة معركة طويلة الأمد ، من خلال الوعي الفكري المتجذر الكفيل بمواجهة التحولات الفوضوية التي تشتت الاتجاه نحو الوضوح، و تعطي خدمة لبنكيران لاستغلال الخلافات الداخلية لتبقى جماعته هي المسيطرة. ونضيع فرصة تاريخية لتجذير الحداثة والديمقراطية بمصداقية حقيقية ونقد قوى المحافظة بكل تلاوينها بشكل موضوعي. فالاتحاد الاشتراكي كحامل للاختيار الحداثي ترجع أسباب التراجع إلى عوامل داخلية، وأهمها انتشار الانتهازية بين صفوفه، والانتهازية هنا تؤسس لحمولة سياسية وفكرية من قبيل الدعوة لاشتراكية جديدة بدون إرادة شعبية ، و من تجلياتها كذلك التسويات الفوقية مع القوى المحافظة التي تتلاقى مع القوى الانتهازية في توظيف الاتحاد للاستفادة من الغنائم الحكومية، لقد حان الأوان للكشف من استفاد خلال عشرية التحديث من الغنائم الحكومية و من وظف تموقعه في القيادة للاستفادة من ريع المناصب و المناشير و نيل الجوائز ليس بالكفاءة بل عبر التزلف لجماعة بنكيران، و بعض محترفي التسول الإعلامي من جرائد صفراء تحاول ان تصنع منهم فقهاء و هم في الحقيقة ادرى من غيرهم أنهم محدودي العطاء، يريدون ان يبنوا مجدا شخصيا على حساب نضال الشرفاء و السؤال الذي يطرح هنا، كيف نواجه هذه الصورة التي باتت تقدم على كونها الصورة الناجحة و إسقاط القناع على مثل هؤلاء؟ نحن مدعوين كاتحاديين واتحاديات، و كشبيبة اتحادية لمواجهة القوى الانتهازية عبر احداث ثورة ثقافية تنظيمية هي وحدها الكفيلة بكشف هؤلاء و دعوة القيادة الحالية لتحمل مسؤولياتها و إسقاط قيم الحداثة و الديمقراطية عبر على الأداة السياسية حاضنة لفكرة الاتحادية و مطبقا لمثل التحرر، و الحداثة و الديمقراطية و التوجه نحو المستقبل الذي يحتم علينا جميعا بضرورة التجديد التنظيمي و التجدد الفكري و تقييم المناضلين، و تقيم الأداء على أساس الفعالية و ليس الأقدمية، لكون النضال السياسي هو نضال من اجل تحقيق قيم و ليس من اجل تحقيق مكاسب سياسية، و من يريد منفعة سياسية فالاتحاد في المعارضة و من يريد خدمة المشروع فالاتحاد حي لن يموت. فمثل هذه الأفكار نحارب الممارسة الدخيلة على حزب حداثي، و لطالما وظفها محترفوا التنظيمي لضبط التوازنات و كبح جيل التغيير عبر تكريس التجهيل و الانغلاق، و فسحت المجال للانتهازية في حزب القوات الشعبية ، عوض اخذ مواقف جماعية متوازنة و تطهير الذات الاتحادية من القوى الانتهازية التي تتغذى من الجهل التنظيمي مما جعلها فقاعات إعلامية. إن الوسيلة الكفيلة بكشف هؤلاء هي الوضوح الفكري الذي من شأنه إحداث خلخلة تنظيمية و فسح المجال للجيل الجديد، عبر التعاقد مع القيادة الحالية على أساس مشروع سياسي واضح، ضدا في التخبط التنظيمي والإطلال من وراء القناع ، بيافطات الاستقلالية والاشتراكية بغية الحصول على المناصب و إرضاء النزعات الشخصية. -عضوة المكتب الوطني للشبية الاتحادية و عضوة اللجنة الادارية للحزب