مزاجية وأشياء أخرى...؟ ! كما كان منتظرا فقد أعلنت وزارة العدل والحريات في منشور لها تحت عدد 51 س 4/1 عن فتح باب الترشيح لإلحاق 40 موظفا بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون لأجل القيام بمهام العدول بإحدى قنصليات المملكة بالخارج؛ وإذ نسجل بإيجابية عدم التمديد للمجموعة التي التحقت سنة 2011 بالمصالح المذكورة حتى تتاح الفرصة لأشخاص آخرين للاستفادة من التعويضات المهمة التي يجنيها الملحقون، كما نسجل عودة الانتظام إلى هذه العملية بعدما كانت وزارة العدل قد توقفت في وقت من الأوقات عن عملية الإلحاق دون إعطاء توضيحات في الموضوع، فإننا نسجل في نفس الوقت أن المنشور الجديد جاء مخالفا من حيث الشروط المتطلبة في المترشحين لما دأبت عليه وزارة العدل في السابق، فبينما نصت الدورية التي صدرت في 05 مايو 2011، والتي تم بموجبها إلحاق ما يناهز 34 موظفا بالمصالح القنصلية بالخارج، على جملة من الشروط من ضمنها أن يكونوا مرتبين في سلم الأجور 10 فما فوق، وحاصلين على شهادة الإجازة في الحقوق أو الشريعة، ومتوفرين على أقدمية لا تقل عن عشر سنوات من الخدمة الفعلية في الإدارة والبالغين من العمر أربعين (40) سنة، دون أن يتجاوز سنهم الخمسين (50) في تاريخه، والمشهود لهم بالكفاءة العالية والخبرة اللازمتين لممارسة المهام المذكورة. أعلنت وزارة العدل والحريات عبر الموقع الإلكتروني لمديرية الموارد البشرية، ودون إعطاء تبريرات واقعية أو موضوعية، عن استبدال هذه الشروط بشروط أخرى، ، هي: - أن يتوفر المرشح على 15 سنة من الأقدمية في الإدارة على الأقل. - أن يكون مرتبا في سلم الأجور الحادي عشر (11). - أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في الحقوق أو في الشريعة فما فوق. بالإضافة إلى شرطين آخرين يتعلقان بعدم سبقية الاستفادة من العمل بالمصالح القنصلية وكذا عدم سبقية التعرض لعقوبة إدارية. وإذا أردنا أن نقيم هذه الشروط الجديدة ونقارنها بما سبق أمكننا أن نسجل الملاحظات الآتية: 1-إقصاء الغالبية العظمى من الأطر العاملة بوزارة العدل والحريات عبر فرض شرط لا معنى له، وهو 15 سنة من الخدمة الفعلية وكأننا في كتابة الضبط نمارس خطة العدالة وليس أشياء أخرى؟ ! إضافة إلى حرمان أصحاب الإجازة في الآداب ولاسيما الدراسات الإسلامية، التي يعد الحصول عليها شرطا لممارسة خطة العدالة حسب المادة 6 من القانون 16.03 المنظم للمهنة في المغرب. فكيف يسمح لهم بممارسة خطة العدالة في الداخل ويحرمون منها في الخارج كما قال بعض الأصدقاء؟؟؟ 2-إن الجهات المعنية داخل وزارة العدل تحاول أن تحصر الاستفادة من هذه "الغنيمة" في فئة معينة إن لم يكن أشخاصا بعينهم؛ وإلا كيف نفسر إلغاء شرط السن الأدنى والأعلى؟ وبناء عليه هل ستسمح وزارة العدل والحريات للذين هم مقبلون على التقاعد بالالتحاق بالمصالح القنصلية بالخارج رغم أن المنشور لا يقول بعكس ذلك؟ 3-إن المضحك المبكي في هذا المنشور الجديد هو إرفاقه بما سمي " بطاقة موقع العمل" التي تشير إلى المواصفات الشخصية والاجتماعية التي يجب أن يتحلى بها من سيتولون هذه المهمة، ومما جاء فيها : "القدرة على تحمل أعباء العمل، وتعدد الطلبات على الخدمات التوثيقية في أوقات الذروة؛ الفضول العلمي واليقظة الفكرية والرغبة في البحث...". وهنا نتساءل : هل المقبلون على التقاعد، مثلا،متوفرون على هذه المهارات؟ أم أن وزارة العدل تريد تهجيرهم بطريقة قانونية بحيث ينهون المهمة في ديار المهجر ويستقرون هناك؟. 4- هل يحتاج أطر وموظفو كتابة الضبط لقضاء 15 سنة من الخدمة الفعلية ليصبحوا قادرين على الاطلاع بالمهام الموكولة إليهم في إطار هذا المنشور؟ 5- إلى متى ستستمر المزاجية في التحكم في اختياراتنا داخل وزارة العدل والحريات بحيث يأتي وزير فيقر معايير معينة؟ ثم يأتي من بعده آخر فيقلب تلك المعايير رأسا على عقب ويظل الموظف "المقهور" الذي يسعى إلى الرقي بمركزه الاجتماعي عبر هذه النافذة هو الضحية إلى أن يجد من يجود عليه بقانون على "مقاسه" !. 6-وما زاد الأمر غموضا هو أن وزارة العدل اختارت أسلوبين متناقضين في طريقة الانتقاء هما القرعة وإجراء المقابلة، فكيف يتأتى الجمع بينهما؟ وأخيرا نقول للمسؤولين بوزارة العدل والحريات: اعلموا أن كل القرارات التي تتخذونها هي محط متابعة من طرف كل من يعنيه الأمر، سلبية كانت أو إيجابية، ولذا عليكم أن تحرصوا كل الحرص على لا تقتلوا جذوة الأمل في صفوف كتابة الضبط، لأن أفرادها – ذكورا وإناثا- هم وقود قطاع العدل الذي لا يمكن عبور الطريق من دونه، ولكي لا تنضاف هذه الإجراءات إلى سلسلة الخيبات التي جنتها كتابة الضبط وهي تتابع تنزيل الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة. - باحث في المساطر القضائية