يصادق أعضاء لجنة العدل والتشريع، بمجلس المستشارين، اليوم الأربعاء ، على مشروع قانون يتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، والمسطرة الجنائية، وقانون مكافحة غسل الأموال، وذلك في إطار مراجعة وتحيين النصوص القانونية المرتبطة بموضوع مكافحة غسل الأموال، عن طريق تبني مقاربة شمولية لهذه الظاهرة، تأخذ بعين الاعتبار تدابير الوقاية إلى جانب مقتضيات الزجر، بالنظر إلى التهديد الذي أصبح يشكله غسل الأموال لاقتصاديات العالم ، إذ أضحى يصنف ضمن الجريمة العابرة للقارات. وقال محمد الناصري، وزير العدل، إنه بالإضافة إلى ما تسببه الجريمة المنظمة عبر الوطنية، بجميع صورها من تهديد للأمن العام، أصبح هذا النوع من الإجرام يدر مكاسب مالية طائلة على مرتكبيها، جراء تعقد وتطور عمليات غسل الأموال بشكل يتجاوز القواعد والتشريعات الوطنية المطبقة بسبب ابتكار وسائل إجرامية جديدة. وأكد الناصري أن المشروع القانوني يهدف إلى توسيع دائرة التجريم في مجال تمويل الإرهاب، ليشمل أفعال " تمويل أشخاص أو عصابة لأجل ارتكاب جريمة إرهابية"، وفي الجانب العقابي، يسعى المشروع إلى جعل مصادرة العائدات والممتلكات المستخدمة أو المتحصلة من جريمة تمويل الإرهاب، أو التي كانت معدة لارتكابها، عقوبة إلزامية في حالة الإدانة من أجل جريمة تمويل الإرهاب، ولهذه الغاية أورد المشرع تعريفا موسعا لمفهوم العائدات والممتلكات، لتشمل المصادرة جميع ما يتم تحصيله بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من ارتكاب أعمال جريمة تمويل الإرهاب، وجميع أنواع الأملاك المادية أو غير المادية، المنقولة أو العقارية، المملوكة لشخص واحد أو المشاعة، وكذا العقود القانونية أو الوثائق التي تثبت ملكية هذه الممتلكات أو الحقوق المرتبطة بها. وبالنسبة للاختصاص القضائي، أوضح الناصري، تمديد المشرع اختصاص القضاء الوطني بالنسبة لجرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم أصلية ارتكبت خارج التراب الوطني، بعدما وسع من وعاء الجرائم الأصلية السبعة، لتنضاف إليها جرائم الانتماء إلى عصابة منظمة، الاستغلال الجنسي، إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة، النصب ، التزييف، والقرصنة، والجرائم البيئية، القتل، والإيذاء العمدي، والاختطاف، والاحتجاز، وأخذ الرهائن، والسرقات وانتزاع الأموال، والتهريب، والزور، واستعماله، وتحويل الطائرات أو السفن، وغيرها، مضيفا إلى ذلك إحداث آلية جديدة للبحث والتعاون الدولي في مجال غسل الأموال، تتجلى في التسليم المراقب من خلال تسليم مقتضيات القانون الجنائي، مشيرا إلى أن المشروع وسع من وعاء الأشخاص الخاضعين لأحكام قانون غسل الأموال، وألزمهم صراحة بالقيام بمراقبة خاصة، ووضع تدابير يقظة عالية، بالنسبة لعمليات الزبناء الذين يبدون درجة مخاطر مرتفعة، كما ألزم المشرع، يضيف الناصري،المؤسسات المالية بضرورة منح اهتمام خاص لعلاقات الأعمال، والعمليات المنجزة من طرف، أو لمصلحة أشخاص ينتمون لدول تبدي درجة مخاطر مرتفعة في مجالي غسل الأموال وتمويل الإرهاب من جهته أورد موقع "إيلاف" الإلكتروني تصريحا لسعيد لكحل الأستاذ المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية قال فيه، إن "هذا القانون يدخل ضمن سلسلة الإجراءات التي تروم مكافحة غسيل الأموال وتجفيف منابع الإرهاب ومحاصرة طرق تمويله"، مشيراً إلى أن "هذه الطرق متعددة ومتغيرة ومتنوعة". وذكر سعيد لكحل أن "المغرب منخرط بفعالية في استراتيجية مكافحة الإرهاب، وملتزم في الوقت نفسه بالقرارات التي تتخذها الدول المعنية بالحرب على الإرهاب"، مبرزاً أن "الدولة سبق لها اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمحاصرة تمويل الحركات الإرهابية، لكن هذه الأخيرة تنفتح على طرق جديدة للتمويل". وأوضح المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أنه "مهما كان القانون مكتملاً، ستكون به نواقص"، مضيفاً أن "القانون وحده لا يكفي مهما كانت هناك دقة في الصياغة، لهذا يجب على كل الأطراف أن تلتزم بتطبيقه". من جهته، قال توفيق الإدريسي، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، الذي كان كلف بالدفاع عن المتهم بالإرهاب عبد القادر بليرج، إن "هذه القوانين فرضت على المغرب من الخارج، لأن غسل الأموال مرتبط بالإرهاب". وذكر الإدريسي أن "القانون الذي سنحارب به غسل الأموال الحقيقي يبدأ من فرض عقوبات صارمة على مهربي الأموال إلى الخارج"، مضيفاً أن "هذه الخطوة تعد أساسية لإنجاح هذا المسار". يذكر أن مجلس النواب قد صادق منتصف دجنبر الماضي، بالأغلبية على مشروع القانون ذاته.