جسدت الحفلة التي أحياها مساء أمس بسلا المعلم الكناوي المخضرم محمود كينيا، ومجموعات شبابية تشق طريقها في هذا العالم الموسيقي، استمرارية فن كناوة بمشعل التجديد.. وإن كان المعلم كينيا كرائد من جيل الآباء في عالم كناوة، بأسلوبه الأصيل، يمثل عراقة هذا الفن وعمقه التراثي، فان المجموعات التي أحيت الحفل على المنصة الخاصة بالموسيقى المغربية، في إطار الدورة 14 لمهرجان "موازين..إيقاعات العالم" قدمت دليل اطمئنان وتفاؤل بالمستقبل الذي ينفتح أمام موسيقى حجزت نفسها مكانا في العالمية. واستقبل المعلم محمود كينيا بوصفه سفيرا للموسيقى الكناوية، التي يواصل التألق فيها بحيوية على المنصة، رغم تقدمه في السن، حيث يبدو منقادا للعالم الروحي الذي تنفتح أبوابه أمام أنغام آلة الهجهوج.. وينحدر المعلم محمود كينيا من الصويرة، وهو أحد رواد وشخصيات الموسيقى الكناوية التي تعتبر بالنسبة لعائلة 'كينيا' تقليدا متوارثا أبا عن جد. وتمكن هذا الفنان الشيخ من خلال مشاركته في مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، من الانخراط في تجارب مزيج فني مختلفة مع أسماء كبيرة في ألوان متنوعة. تم ذلك مع كارلوس سانتانا (1992)، آدم رودولف، ويل كالهون، إيساكا ساو، وآخرين. إنها تجارب رحلت بالفنان الى عدة بلدان خصوصا في إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، اليابان، كندا، النمسا، النرويج وغيرها. وجاءت اللمسة الشبابية العصرية من خلال عروض ثلاث مجموعات أبانت عن تمكنها في خوض مغامرة المزج بين إيقاعات كناوة الأصيلة وألوان نغمية مختلفة. ذلك شأن فرقة "كناوة ستون" الحائزة على الجائزة الأولى في الدورة الثامنة لمسابقة جيل موازين. وتأسست مجموعة "كناوة ستون" سنة 2005 بمبادرة من "عبدو الشنكيتي"، موسيقي متعدد التخصصات ومؤلف، وبعد ذلك، أعجب موسيقيون آخرون بالفكرة وهم ينحدرون من نفس الحي الشعبي العريق "الشيخ" بسطات.. وتجمع 'كناوة ستون' بين إيقاعات كناوة والروك لإنتاج نوع موسيقي متفرد، وهو مزيج استقبل بترحيب كبير من قبل الجمهور. وتحضر المجموعة حاليا لإصدار ألبومها 'روك ماستوني' الذي سيرى النور في صيف 2015. أما مجموعة 'كناوة كليك' التي تأسست سنة 2005 في الدارالبيضاء، فقد حازت على الجائزة الثالثة في أول دورة لمسابقة جيل موازين. وتõقدم المجموعة مزجا بين موسيقى العالم والتراث المغربي، خصوصا موسيقى كناوة.. وأصدرت مجموعة "كناوة كليك" أغاني منها "الصلاة على نبينا"، "السلام عليكم" أو "مغربي"، كما أصدرت ألبومها الأول سنة 2014 تحت اسم "قولوا إن شاء الله". واشتهرت هذه المجموعة بنصوصها الملتزمة وموسيقاها التي تجمع بين ثقافات متعددة، مما جعلها اليوم من بين أهم المجموعات في الساحة المغربية العصرية. وتجسد مجموعة "الكتريك جلابة"، المغربية البريطانية، قصة خمسة موسيقيين من بينهم 4 أشقاء، يعشقون الموسيقى الإلكترونية حيث اكتشفوا في لندن سنة 2011، سحر وأصالة موسيقى كناوة من خلال الشاب المعلم سيمو الكناوي. أفضى هذا الارتباط الموسيقي إلى الحصول على أسلوب موسيقي سلس ومذهل.. ويرافق سيمو الكناوي عازف الطبل دايف دي روز، والعازف على آلات مختلفة بيرنابي كين، وعازف الغيتار ناتانييل كين، وأخواه الأكبر سنا هنري وأوليفر. وسجلت المجموعة، الشغوفة بايقاعات الموسيقى الالكترونية، أول ألبوم لهم تحت عنوان "انتروديوسين اليكتريك جلابة". وهي تواصل باحترافية طرق باب التجديد في فن كناوة، بحوار دائم بين الموسيقى المغربية ومختلف الألوان العالمية، مع الحرص على صيانة البعد الروحي في التجربة الموسيقية.