قد تختلف القراءات والمواقف من قرار مقاطعة لاحتفالات فاتح ماي، الذي أعلنت عنه بعض المركزيات النقابية، لكن بكل تأكيد يعد هذا القرار سابقة في مسار الحركة النقابية المغربية، وهو قرار له ما بعده بكل تأكيد، كما أن أنه مؤشر أكبر على أزمة حقيقية يتخبط فيها المغرب على المستويين السياسي والاجتماعي. 1من يرى أن النقابات أفلست أصلا ولا تمتلك قوة في الشارع، وبالتالي فهي تحاول التغطية على تراجع شعبيتها بالمقاطعة. وهذه نظرة تسطيحية شعبوية تجانب الحقيقة والصواب، يروج لها أعداء النقابية، إذ أن النقابات في المغرب ما زالت قادرة على شل المرافق العمومية والقطاعات الحيوية. 2من يعتبر المقاطعة مزايدة وحملة انتخابية سابقة لأوانها وتوظيفا سياسيا للنقابة في المعارك الحزبية. وهذه من نقاط ضعف العمل النقابي في المغرب وهي الخلط بين الحزبي والنقابي. 3من يعدها محاولة للضغط على الحكومة والتشويش على نجاحاتها، ومحاولة لتحسين الموقع التفاوضي وإجبارها على الحوار. 4من يعتبرها آلية من آليات التحكم في التوازنات التي يشتغل بها الحكم في المغرب، لأن بنية النظام السياسي قائمة على توزيع مراكز القوة والأدوار بين مختلف الفاعلين الأحزاب/ المعارضة/ الأغلبية/ النقابات/الإسلاميين /العلمانيين. المؤكد أن النقابية في المغرب تحتاج إلى تطوير على مستوى الهياكل والبرامج والرؤى والقيادات والامتدادات والاختيارات، وأنها تعاني من أزمة ذاتية على مستوى التكوين والوعي والممارسة والتسيير والتدبير، لكن هناك أسبابا موضوعية تتمثل في محاولات السلطات المتكررة إضعاف الحركية النقابية على كل المستويات. فبعد عقود من القمع والاختراق والتمييع، انتهجت السلطات المغربية سياسة التهميش والتجاوز، مما جعل الحركية النقابية تفقد كثيرا من ألقها وبريقها وفاعليتها. والخلاصة الكبرى أن كل دولة تضعف أحزابها ونقاباتها، وإعلامها ومجتمعها المدني هي دولة تكرس الاستبداد وتغامر بسلمها الاجتماعي والسياسي. [email protected]