في الشهر المقبل سيتم الاعلان عن الفائز بأشهر جائزة عربية ،المعروفة باسم الجائزة العالمية للرواية العربية :البوكر .وللإشارة فإن اسم البوكر هو اسم جائزة أدبية عالمية أنشأت سنة 1968 مختصة في الأدب المكتوب باللغة الانجليزية ، وتمنح لأفضل عمل روائي كتب بالانجليزية في المملكة المتحدة أو دول الكومنولث أو من جمهورية ايرلندا ، ولها فرع يهتم بالرواية العربية ، وتبلغ قيمتها المالية ب50 ألف دولار ، بالنسبة للرواية الفائزة بالجائزة ، وعشرة آلاف دولار للروايات الخمس المتبقية . طبعا بالنسبة للرواية الفائزة بالجائزة ، إضافة إلى القيمة المالية ، فإن الفوز بها يؤثر على مستقبل الروائي كما أن روايته تحقق رواجا قد يخرجها من الخمول والنبذ لتصبح رواية مطلوبة ،وقد يرفع سعرها مباشرة بعد أن تحتل القائمة القصيرة للرواية .وما أن تحصل أي من الروايات الست على قصب السبق حتى تتبوأ مكانة في مجال التجارة الادبية ، لتصبح البست سيلر . جائزة البوكر التي تحتفل بعامها الثامن هذه السنة ،خلقت جدلا حولها .هذا الجدل ارتبط بالخصوص بمدى موضوعية واستقلالية لجان التحكيم التي تشرف على اتخاذ القرار في الرواية الفائزة لكل سنة .فهناك من ينعت أعضاء اللجنة إضافة إلى كونهم مصابون بأمراض المصالح والشللية والنفاق ، ومنح الجائزة لمن يلح في اقتناصها ويتقن فن العلاقات العامة ، في غياب معايير موضوعية وضوابط تحكم عملية منحها .إضافة إلى كل هذا فإن تشكيلة اللجان غير متجانسة ، كما أن بعض اعضائها غير متخصصين و لا يتوفرون على المؤهلات المعرفية والأدبية التي يجب أن تتوفر في كل من سيقرر مصير هكذا جائزة . وعلى كل فإن جائزة البوكر كغيرها من العديد من الجوائز ابتداء من جائزة نوبل حتى جائزة اتحاد كتاب المغرب ، كثيرا ما اتهمت بأنها تفتقر في بعض الأحيان إلى الموضوعية .وجائزة شهيرة ومتميزة مثل جائزة نوبل ،اتهمت بدورها أكثر من مرة بأن أعضاء لا يفتقرون للخبرة ، ولكنهم يفتقرون إلى الاستقلالية والمصداقية ، وحتى عندما تمكن نجيب محفوظ من الفوز بها، فقد سال مداد كثير حول رواية "أولاد حارتنا "التي بوأت محفوظ شرف الحصول على الجائزة الشهيرة ، لأنها مست بالمقدسات وطعنت في الأديان ، وبسببها كاد أن يفقد الكاتب الكبير حياته حين طعنه أحد قراء هذه الرواية . العديد من الكتاب الذين اشتهروا على الرغم من أنف جائزة نوبل ،وعرفوا صيتا ذاع في الأفاق لم يتمكنوا من نيل هذه الجائزة ، نذكر من بينهم: بورخيس ، ميلان كونديرا ، كافكا ،تشيكوف ، تولستوي وغيرهم كثير ، ليتأكد أن الجائزة مهما كانت قوة أثرها ومساهمتها في شهرة الروائي ، لا تصيب دائما وكثيرا ما أبخست بعض الروائيين والشعراء بضاعتهم ولم تكن منصفة معهم . طيب إذا كانت الروايات الفائزة بالجوائز الشهيرة ومن بينها الرواية الفائزة مثلا بجائزة البوكر العربية ، ما هي سوى قراءة خاصة من قبل فئة معينة تزعم بأنها هي القادرة على اختيار الأجود لمعشر القراء . فلماذا لا يكون الروائيون الذين راكموا خبرة وصقلت تجربتهم الروائية مع مرور السنيين على قائمة الفائزين ، وكيف نبرر فوز الروائي الشاب "سعد السنعوسي " صاحب رواية"ساق بامبو "بهذه الجائزة ، وحتى الروائي الذي فاز بها السنة المنصرمة ، الكاتب العراقي "أحمد السعداوي ،عن روايته "فرانكشتين يندرج ضمن هذا التوجه .طبعا نحن لا نبخس من قيمة الروايتين وإن كان العديد من النقاد اعترضوا على منح جائزة السنة السابقة لأحمد السعداوي لأنهم رأوا أنها لاتتوفر على مقومات الفوز . اشكال آخر تطرحه مثل هذه الجوائز في اختياراتها ، وهو اشكال متعلق برواج الرواية الموشحة بالجائزة ، هل حقا تضيف أي قيمة نوعية في المشهد الروائي باعتبارها جائزة حصلت على جائزة سواء كانت البوكر أو غيرها ،هل تتناول القضايا الوجودية التي تمثل أسئلة الانسان الملحة والمتجددة بصيغ متغايرة في الزمن البشري حيث الأدب الحقيقى هو التمثيل الجمالي للحياة بأسئلتها الأزلية . أغلب الروايات العربية وبما فيها الأوربية والأمريكية التي تحقق البست سيلر ،تروم تحقيق الرواج اعتمادا على الاثارة وسهولة قراءة مواضيع الرواية ، توظيف العنف والجنس وكل المحرمات الأخرى لتحقيق قاعدة كبيرة من القراء . وإذا نجحت الرواية في نيل جائزة فذلك هو المبتغى ، مما يعني تحقيق أرباح مهمة . طبعا انتشار الرواية والكتاب يمثل سمة في الغرب أما عندنا فأقصى ما يحلم به الروائي أن يكون ضمن القائمة القصيرة للجائزة .لأن تلك القيمة المادية التي سيحصل عليها فهي أول وأخر ما سيناله من عمله .