دزازة الأغنام عملية موسمية يقوم بها الفلاح الحريزي، أوالمنتمي لمنطقة الشاوية بصفة عامة، خلال متوسط شهر أبريل وبداية شهر ماي من كل سنة. وهي ضرورية وتساهم بشكل كبير في تسمين القطيع، إلا أن مرد وديتها بالنسبة للكساب لا تكاد تغطي حتى المصاريف وأتعاب الدزاز. هذه العملية الاقتصادية الغير مربحة بالنسبة للفلاح هي ما عايناه في ضيعة عائلية بدوار قبالة جماعة جاقمة بإقليم برشيد، حيث يصعب تسويق الصوف الطبيعي بسبب المواد الاصطناعية البديلة. عائلة محمد القبلي الحريزية تملك قطيعا من الغنم يتكون من 100 رأس من نوع الصردي. تُسوَقُ أغنام الحظيرة خاصة بمناسبة عيد الأضحى، نظرا لإقبال المواطنين على هذا النوع المعروف بجودة لحومه. لكن يوم السبت الماضي، قرر القبلي إعطاء انطلاقة عملية الدزازة لقطيعه لأجل ذلك استدعى الدزاز الحاج فخري، وهو دزاز أبا عن جد. وقام الفلاح بتجميع أغنامه داخل الإسطبل مع تهيئ مكان نظيف للقيام بالعملية. نظافة المكان ضرورية لأنها تؤثر بشكل مباشر في جودة الصوف التي يجب أن تكون خالية من جميع النواقص. عند بداية العملية يقتاد رباع الضيعة، الذي يقوم بدور الممسك، الشاة للمكان المخصص ويقوم بطرحها أرضا وتقييدها حتى يتمكن الدزاز (المعلم) من القيام بتخليصها من تبانها الشتوي، وتتم هذه العملية بطريقة تقليدية تراعى فيها جميع مقومات السلامة، يستعمل فيها الدزاز مقصا خاصا وتقنية يُظهر من خلالها كفاءته العالية. تمر الأغنام تحت مقص الدزاز بانسياب تام واستغلال دقيق للوقت يُبرز حرفية "المعلم" الذي بإمكانه أن يقوم بتخليص 50 رأسا من صوفها في اليوم الواحد. فيما يخص نوعية الصوف المستخلصة، فإن المنتوج بمنطقة اولاد حريز معروف بجودته المتوسطة مقارنة مع الجودة التي تتميز بها صوف مناطق أخرى في المغرب، مثل تمحضيت. في الضيعة، تُستخلص، في المعدل، من كل رأس غنم حوالي نصف كيلوغرام إلى 2 كيلوغرامات من الصوف ويتقاضى الدزاز عن كل شاة، في المتوسط 10 درهما، وهذا هو الثمن المعمول به في منطقة اولاد احريز، شريطة أن يكون القطيع كبيرا. أما ثمن الصوف، فإنه من المنتظر أن ينزل تحت سقف 10 دراهم للكيلوغرام هذه السنة، مما يعني بأن بيع الصوف، هذه السنة، لن يغطي سوى تكلفة الدزازة. أما الجزء الكبير من مصاريف التحميل والنقل والتسويق فهي تبقى على عاتق الكساب. مما يعني بأن نشاط هذا الأخير غير مربح. إذا اعتبرنا عملية الدزازة ذات منفعة للإنسان، حيت تمكن من إنتاج الصوف الخام كمادة أولية طبيعية وذات خصال جيدة، فهي بالأساس شرط من شروط توفير العيش اللائق للشاة وهي عملية جد مهمة لسلامة وصحة القطيع. كما أن "الدزازة" كموروث ثقافي وهوية٬ ضرورية باعتبارها رافعة أساسية لدعم التنمية المحلية المستدامة لمنطقة أولاد حريز وليس مجرد طقوس فولكلورية تحنط الثقافة وتنزع عنها عمقها التاريخي وتحقيق التنمية. *أستاذ الاقتصاد بجامعة أسفي