يبدو أن سحابة التوتّر التي مرت قبل أيّام على سماء العلاقات بين الرباط ومدريد بدأت في التبدد؛ فبعد الردّ المغربي المُستغرِب لقرار القضاء الإسباني فتحَ دعوى ضد 11 مسؤولا في الجيش والشرطة المغربية، فيما يعرف بمذكرة "بابلو روث"، سارع وزير الخارجية الإسباني، خوصي غارسيا مارغايو، إلى اللقاء بنظيره المغربي، صلاح الدين مزوار، مساء يوم الاثنين ببرشلونة على هامش الاجتماع الوزاري لسياسة الجوار الأوروبي. اللقاء الذي جاء بطلبٍ من الجانب الإسباني وشمل مباحثات بين الجانبَين، حضرته مباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة في الخارجية وسفير المغرب بمدريد، فاضل بنعيش، وهو الموعد الذي قدم خلاله مزوار تعازي المملكة إلى الشعب الإسباني وعائلات ضحايا مستكشفي المغاور الإسبان، الذين تاهوا في منحدر بمنطقة ورزازات، وأسفر الحادث عن وفاة أحدهم. وعقب انتهاء المباحثات، التي شملت العلاقاتِ الثنائية بين البلدين، ووُصفت بالمتميزة، اعتبر مزوار، خلال مؤتمر صحافي أمام وسائل الإعلام الإسبانية، قضية "مذكرة روث" "مفبركة" و"مثيرة للسخرية"، مضيفا أن الملف المذكور تعود أحداثه إلى أربعين سنة ماضية، "والتي كانت لها ملابساتها الخاصة". وأشار الوزير المغربي إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة سبق لها النظر في الملف، وهي التي "كشفت حقيقتها وأجبرت أضرار ضحايا مفترضين فيها"، موردا "ما عدا ذلك.. فلا يعدو أن يكون الأمر مغالطاتٍ تروم النيل من المغرب في هذه المرحلة الدقيقة، والإساءة إلى علاقاته بالجارة الإسبانية"، قبل أن يضيف بأن الرباط ومدريد تتحملان مسؤولياتهما "للحفاظ على المستوى المتميز لهذه العلاقات والحيلولة دون المساس بها من طرف أي جهة كانت". سياسيّاً، لوّح مزوار بقضية الصحراء أمام وسائل إعلام الجارة الشمالية، حيث أعلن عن تشبث المغرب بالمسار الذي يتخذه الملف حاليّا إلى جانب الأممالمتحدة ومجلس الأمن، "من أجل التوصل إلى حل سياسي ينهي هذا النزاع المفتعل الذي تستفيد منه جهات معينة لا يهمها استقرار المنطقة". واستعرض مزوار منجزات المغرب في الملف، مشيرا إلى أن الرباط قدمت لساكنة الصحراء "عرضاً يندرج ضمن صيغة رابح / رابح ويحفظ استقرار المنطقة"، في إشارة إلى مشروع الحكم الذاتي، مضيفا أن "المغرب لا يقبل أن يظل مواطنوه محتجزون يعانون في مخيمات تندوف إلى أجل غير مسمى". وكان المغرب قد عبّر، وفق بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، عن استغرابه لقرار القضاء الإسباني فتحَ دعوى ضد 11 مسؤولا رفيع المستوى في الجيش والشرطة المغربية بتهمة "ارتكاب إبادة" جماعية، فيما أعلن رفضه المبدئي لمتابعة مواطنين مغاربة في الخارج "عن أفعال يفترض انها ارتكبت فوق التراب الوطني وتبقى بالتالي من اختصاص القضاء المغربي". في مقابل ذلك، شددت الرباط على تشبثها بتعزيز علاقات حسن الجوار البناء والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تربط بين المملكة وإسبانيا "وستعمل من أجل حماية هذه العلاقة من أي مناورات للتشويش يحيكها خصوم هذه العلاقة".