عزَا رئيسُ الجمعيَّة المغربيَّة لمحاربَة الإجهَاض السرِّي، شفِيق الشرايبِي، جانبًا مهمًّا منْ تفاقم إشكال الإجهَاض السرِّي في المغرب إلى الحمل غير المبرمج، قائلا إنَّ ثلث حالات الحمل لدى المغربيَّات تجرِي، دون أنْ يكون قدْ جرى التخطيطُ لها مستقبلًا، وذلك بفعل عوامل مختلفة. وأوضح البرُوفيسُور الشرايبِي، في مداخلة له إبَّان يومٍ دراسي نظمه الفريق الاشتراكي بالبرلمان، صباح اليوم، أنَّ الحمل غير المبرمج، تتراوحُ أسبابه بين عدم استخدام موانع الحمل، أوْ تقدم النساء في السن، ممنْ يجدن صعوبة في بعض الأحيان في تقبل الأمر أمام أحفادهن، زيادة على ضحايا زنا المحارم، والفتيات القاصرات. واستدلَّ الشرايبِي بفتياتٍ يعانِين أمراضًا عقليَّة جعلتهن عرضة لاغتصاب نجم عنه حمل "القانُون لا يمنحُ تلك الحالات الحقَّ في الإجهاض، بالرُّغم من حجمهَا. أمَّا الحالات التِي يجرِي السمَاح لها، وتكُون فيها صحَّة الأم معرضة للخطر، فلا تمثلُ سوى زهاء 6 بالمائة من مجمل الحالات". ويحيلُ المتحدث إلى أنَّ وفيات الأمهَات في الدول التي حررت موضوعَ الإجهَاض أقلُّ بمائتي مرَّة قياسًا بتلك التي لا تزالُ تحظرهُ، فيتمُّ اللجوء، إلى طرق سريَّة، سواء لإجراء الإجهاض في عيادات قدْ تقود فيها المضاعفات إلى الوفاة، أوْ لدى العشابين، ممنْ تعوزهم الإمكانيَّات الماليَّة للجوء إلى الطبِيب. وعرجَ المتحدث على التبعات الاجتماعيَّة لحظر الإجهَاض، من قبيل التخلِي على الرضع، وقتل الأطفال، واستمرار جرائم "الشرف"، والطرد من وسط العائلة والتشريد، بالنسبة إلى فتيات كثيرات، لا تتقبلُ أسرهُنَّ الحمل خارج نطاق الزواج، في سنٍّ مبكِّرة. الشرايبِي انتقد حصر صحَّة الأم في الجانب البدنِي دُون باقي المناحِي النفسيَّة والاجتماعيَّة. ليونة الإسلاميِّين..مسألة وقت أمَّا المحاميَة والفاعلَة المدنيَّة، خدِيجَة الرُّوكانِي، فرأتْ أنَّ مواقف إسلاميِّي المغرب تلِين بمضي الزمن، كما حصلَ مع الخطَّة الوطنيَّة لإدماج المرأة في التنميَة التِي أبدوْا رفضهم لهم، بادئ لأمر، قبل أنْ يعودُوا إلى التصويت على مدونَة الأسرة بالإجمَاع. إضافة إلى حديث وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعيَّة، بسيمة حقاوِي، "عنْ لزوم إجراء استفتاء، في موقف "متطرف" قبل أنْ تصير الفكرة متجاوزة". ونبهتْ المتحدثة إلى تزايد الأمهات العازبات في المغرب وبلُوغ عددهن 27 ألفًا وَ199 أمًّا، وما يطرحُه أمام موضوع الإجهاض، منتقدةً الإصرار على التحكم في النِّساء وأجسادهن دُون القدرة على توفير الحماية لهن، حين يضعن مواليدهنَّ خارج إطار الزواج، سيما أنَّ 40 في المائة من حالات الحمل غير مبرمجَة. وأضافت المتحدثَة أنَّ لا صحَّة في القول بأنَّ تقنين الإجهَاض يفضِي إلى ارتفاع الإقبال عليه، مستدلة بالتجربة التركيَّة، حيثُ هبط معدل الإجهاض إثر تشريعه منْ 25 في الألف إلى عشرة في الألف، والمنحَى ذاته ينسحبُ على تونس. هوة الواقع والقانُون منْ ناحيته، لفت الباحثُ في علم الاجتماع، إدرِيس بنسعِيد، إلى الهوَّة الكبيرة القائمة في المغرب بين القانُون والواقع، "ثمَّة قضايا كثيرة نعيشها اليوم في الواقع لكنَّ المقاربة القانونيَّة المتبناة إزاءها لا تزالُ ملتبسة، ففي موضوع الدعارة مثلا، تظهر الأرقام أنَّ في الدارالبيضاء لوحدها، كانتْ هناك 27 ألف بطاقة لممتهنات الجنس سنة 1967". الالتباسُ يبرزُ، بحسب المتحدث، في مثلث الدين والسياسة والقانون، حيثُ يجرِي الانتقال لدى البعض بين السجلات الثلاثة، باختيار واحدة منها في كل مرة، حسب الإرادة "المقاومة في أيِّ مجتمع تظلُّ عاديَّة، فحتَّى الفرنسيُّون لمْ يقننُوا الإجهَاض إلا في السبعينات، بعد عمليَّة تدريجيَّة". وانتقدَ الباحث الموقف الرافض لإدخال التغييرات، وإصراره، لدى نقاش مجموعة من القضايا التي تهمُّ المجتمع، على "تدعيش" الدِّين"، بالرُّغم من وجود الحاجة إلى تجديد فقهِي، بعد طرُوء تحولات جمَّة على المجتمع المغربي، إثر ما عرفهُ من انفجار ديموغرافِي منذُ الاستقلال.