قد لا يختلف اثنان على أن اللغة الإنجليزية تعتبر أحد أهم لغات العالم، بل إن لم تكن أهمها جميعا، وأي شخص يريد الدراسة أو العمل في أية بلد أجنبي، يكون مدعوا إلى أن يتقن أولا اللغة الإنجليزية، باعتبارها لغة العصر والعلم والانفتاح. ولكن في الآونة الأخيرة بدأ إقبال الكثير من المغاربة على تعلم اللغة الصينية في المغرب أو في الصين، هذه اللغة التي وصفها ذات مرة وزير الثقافة الصيني فى أحد المؤتمرات باللغة الأسهل في العالم، موضحا أنها لغة يتكلم بها مايقرب من خمس سكان العالم". اللغة الصينية ومعهد كونفوشيوس اللغة الصينية "السهلة" و"الصعبة"، في نفس الوقت، تضم أكثر من 60 ألف رمز، وهي لغة ليست لها حروف أبجدية ثابتة، ولكنها تحتوى على كلمات، كل كلمة تدل على معنى مستقل، وتكتب الكلمات من اليسار لليمين، وقديما كانت تكتب من الأعلى للأسفل. والشخص الصيني العادي يتقن ما يقرب من 5000 إلى 6000 رمز، أما أغلب الدارسين الأجانب، فإنهم يستطيعون إتقان مابين 3000 إلى 5000 رمز على الأكثر، وإذا أردت قراءة جريدة باللغة الصينية، فوجب عليك تعلم 3000 كلمة على الأقل. أما قواعد اللغة الصينية فتعتبر بسيطة جدا، والمدة اللازمة لدراسة اللغة الصينية فهي من سنة إلى سنتين، لكن هذه المدة تبقى غير كافية إذا لم تكن هناك ممارسة شبه يومية للغة الماندارين. وقد تم في سنة 2013 إحداث ثاني معهد كونفوشيوس بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في إطار إحداث وبناء تعاون ثقافي وجامعي متين بين المغرب والصين. ويعمل المعهد على تعميم اللغة والثقافة الصينيتين، ويقيم دورات تدريبية حول الطب التقليدي، والووشو، والفنون، والخط، والطهي، وعلم الاقتصاد السياسي في الصين، وكذلك دورات لتدريب الأساتذة باللغة الصينية. وينظم المعهد ندوات صينية، ويقدم خدمات استشارية حول السياسة والإقتصاد والثقافة الصينية إلى الدوائر الحكومية، والمؤسسات، والشركات، والطلبة الراغبين في التوجه إلى الجامعات الصينية. ويشكل المعهد مركزا لإظهار جاذبية اللغة الصينية للعالم، واستقطاب شباب أكثر للذهاب الى الصين. مميزات الجامعات الصينية وأصبحت الجامعات الصينية تشكل وجهة جديدة، ومركز جاذبية، ومقصدا للطلاب الأجانب والعرب للدراسة فيها، فبعد أن قامت الصين بفتح المجال أمام جميع الدول لإرسال أبنائهم لتلقي العلوم في جمهورية الصين الشعبية، وسهلت إجراءات قبولهم، توافد العديد من أبناء مختلف الجاليات للصين للدراسة والتجارة. وأثارت الصين إعجاب الطلاب مع ازدهارها الاقتصادي وانفتاحها الخارجي، وكونها أكبر بلد يحقق نسبة نمو مرتفعة عالميا، بالإضافة إلى أن شعبها من الشعوب المسالمة، مما ساهم في تحويل بوصلة الطلاب نحو شرق آسيا وخاصة دولة الصينالجديدة. وتتميز الصين عن كثير من الدول الأوروبية بفضل الأمن، وعدم وجود أي تمييز عنصري ضد أغلب الأجانب في الأماكن العامة أو داخل الجامعات، وهناك نقطة جذب أخرى كون رسوم الدراسة في الصين منخفضة، مقارنة مع الدول الأخرى. وكانت وزارة التعليم العالي الصينية قد أعلنت أن الصين ستصبح "أكثر المقاصد جذبا" للطلاب الأجانب في منطقة آسيا والباسيفيك. وأكد أمين عام مجلس المنح الدراسية الصينية بالوزارة، أن الصين تجتذب عددا متزايدا من الطلبة الأجانب، بسبب ما تتمتع به من نمو اقتصادي واستقرار اجتماعي وتأثير دولي متعاظم. وتستقبل الصين حاليا عدة وفود تأتي من وزارات التعليم العالي من مختلف دول العالم، كما تستفيد دول كثيرة، ومنها المغرب، من منح تقدمها الصين، والتي تدخل في إطار التبادل الأكاديمي الثقافي والعلمي. طلبات القبول والمنح ويمكن للطالب الأجنبي أن يذهب إلى الصين للدراسة، من خلال التبادل التعليمي الحكومي، والتبادل بين الجامعات، أو من خلال التقدم فردياً، فحكومة الصين وعدد من الجامعات الصينية تقدم عدة منح دراسية في مجال الدارسات الجامعية الأولى (الإجازة) والدراسات العليا (الماستر- دكتوراه) في مختلف التخصصات العلمية والأدبية. وتستخدم اللغة الصينية في التدريس للطلاب الأجانب الوافدين في معظم الجامعات الصينية العادية، وهناك جامعات تستخدم اللغة الإنجليزية في التدريس للطلاب الأجانب في الدراسات العليا أو لمتابعة الدراسة. وتبدأ الدراسة في جميع الجامعات الصينية في شهر شتنبر من كل عام، بينما تاريخ تقديم طلبات القبول بالجامعات الصينية، يبدأ في شهر فبراير، وحتى نهاية شهر ماي، وتظهر النتائج في أواخر شهر يوليوز. المشاكل والصعوبات رغم أن الصين حاولت وتحاول توفير أحسن الظروف للدراسة فيها، إلا أنه تبقى هناك بعض المشاكل والصعوبات التي مازالت تعترض بعض الطلبة وخصوصا العرب والمسلمين منهم خلال مسارهم الدراسي حيث تختلف العادات والتقاليد. وتأتي اللغة الصينية على رأس هذه الصعوبات، حيث مازال يرى الكثيرون أن اللغة الصينية تشكل صعوبة بالغة للطلبة، لذا يطالب الطالب ببذل جهود كبيرة لتعلمها. ويشير كثير من الطلبة أن الأكل الحلال أو الأطعمة الإسلامية، المطبوخة على الطريقة العربية، غير متوفرة في بعض المدن في الصين، لكن مع تزايد المسلمين، أصبح هناك الكثير من المطاعم التي توفر الأكل الصيني الحلال. ويوجد بعض من الطلاب الدارسين باللغة الإنجليزية يعانون من مشاكل داخل الفصول الدراسية العلمية والتقنية، لعدم إتقانهم للغة الإنجليزية، وعدم تعلمها بما يكفي في بلدهم الأصلي.