شهد المجلس الحكومي نقاشات حادة، عقب طرح وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعيَّة، بسيمة الحقاوي، لمشروع قانون يتعلق بهيئة المناصفة، ومكافحة كل أشكال التمييز، والذي صادقت عليه في نهاية أشغاله. وقرر المجلس، أمس، المصادقة على المشروع مع تشكيل لجنة وزارية تعمل على دراسة وإدراج التعديلات، والملاحظات التي قدمت أثناء هذه المدارسة، على أساس "أن تكون هذه الهيئة محترمة لما يعرف بمبادئ باريس الناظمة لعمل المؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان". مصدر حكومي أكد لهسبريس، أن إخراج مشروع المناصفة لم يكن بالأمر الهين، مشيرا أن "المصادقة جاءت بعد نقاش عميق وحاد داخل الحكومة"، رابطا "الحدة في النقاش بتعاطي المجتمع مع قضايا المرأة، وكذا التشنج الذي رافق الاحتفال باليوم العالمي للمرأة بين الحكومة والحركة النسائية". وكان هاجس الحكومة، حسب ذات المصدر، الرد على بعض "الأطراف المعارضة التي تقول إنه لا يمكن أن يأتي القانون بما يرضي الحركة النسائية، من وزيرة تنتمي لحزب ذي نظرة محافظة لقضايا المرأة"، مؤكدا "عزم الحكومة على تقديم قانون متقدم على النسخة الحالية، من خلال إدخال التعديلات التي ستتقدم الأطراف الحكومية". "عندما عرض هذا القانون، طبيعي أن تكون ردود فعل، لكن القادم سيكون أكثر جرأة"، يقول المصدر الحكومي لهسبريس، موضحا أن "هذه الصيغة نوقشت مع أطراف متعددة، وتحتاج في نظر الجميع إلى بعض التنقيحات، حيث اعترف جميع الوزراء أنه عندما يرتبط الأمر بقوانين من هذا القبيل، الأفيد أن نجتمع لتوحيد الرؤية، وهو الأمر الذي لم يحدث". وارتبط النقاش الذي ستعمل اللجنة الوزارية المشتركة على تعميقه، وتضمينه في النسخة المقبلة، صلاحيات الهيئة، لضمان إعطائها الحق في الإحالة الذاتية في حالات التمييز التي ترفعها لها من طرف كل شخص يعتبر نفسه ضحية. وفي هذا السياق حذرت مداخلات وزراء الحكومة، مما اعتبروه أصواتا لجمعيات نسائية لها توجهات سياسيوية، تريد أن تزايد بمنح صلاحيات واسعة للهيئة ستحل محل القضاء المعينة، معتبرين ذلك "نوعا من المزايدة على المنطق الديمقراطي وذلك بهدف سحب الصلاحيات الدستورية من الحكومة والبرلمان، وهذا خطير ويمس في العمق المؤسسات الديمقراطية". وبعدما أكد وزراءٌ على ضرورة أن "لا يتم إفراغ هذه الهيئات من مهامها"، ناقشوا بشكل مستفيض تشكيلة المجلس، وتواجد الإدارة من عدمه وضرورة احترام المناصفة، حيث ذهبت مداخلات بعضهم إلى "وجود المجتمع المدني خارج التعيينات، بما يضمن استقلاليتها ومنحها الإمكانيات لإحالة المواضيع المجتمعية ذاتيا عليها". وعلاقة بموضوع المرأة، طرح نقاش تأجيل مصادقة الحكومة على مشروع قانون تجريم العنف ضد النساء، حيث أقرت الحكومة بخطئها عندما أرجأت المصادقة عليه، مؤكدة على لسان رئيس عبد الإله بنكيران أنه كان من الأفيد المصادقة عليه، وتشكيل لجنة مصغرة لإدخال التعديلات عليه. وفي هذا الصدد، التزمت الحكومة بإخراج مشروع القانون خلال الأسابيع المقبلة، مؤكدة أن المخاوف التي ارتبطت بالمشروع في صيغته الأولى بالمخاطر التي يمكن أن تهدد الأسرة المغربية، خصوصا في مسألة التأويلات التي يمكن أن تعطى للعنف النفسي في البيوت.