كشفَ رئيسُ الحُكومة عبد الإله بنكيران لأوّل مرّة، في لقاء لحزب العدالة والتنمية بمدينة الراشيدية مساء اليوم الأحد، أنّ الملكَ مُحمداً السادس قَاومَ ضغوطاَ للإبقاء على حكومة الإسلاميين، دونَ أنْ يكشف عن مصدر تلك الضغوط. وقالَ حينَ حديثه عن خصومه السياسيين "الخصوم ديالنا ما خلاو ما دارو باش يشوّشو علينا ويوقفونا، ولكن هادْ البلاد فيها البركة ديال الله، وفيها الشرفاء، وفيها سيدنا محمد السادس الله ينصرو، الذي رفض الخضوع للضغوط". ولمْ يُخْف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية القائد للتحالف الحكومي، أنّ حُكومته كادتْ أن تكون في مهبّ الريح، قائلا "طبعا كانْت الحكومة فواحد الوقت غادا تمشي، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى جلالة الملك بْغا باش تستمر". وإضافة إلى التهديدات التي كانتْ تحيقُ بحكومته، خصوصا بعد انسحاب حزب الاستقلال من نسختها الأولى، كشف بنكيران أنّ تهديداتٍ شخصيّة طالتْه، وقال "كانَ هناك من تعرّض لي، ولكن سيدنا وقْف معايا، وقال لوزير الداخلية يْدير ليا رْبعا ديال الناس يمشيو معايا (الحراس الشخصيون)". واستعانَ رئيس الحكومة في الكلمة التي ألقاها في الراشيدية بخطاب "عاطفي"، وبلغةٍ دارجةٍ، للدفاع عن حصيلة حكومته خلال الثلاث سنواتٍ الأولى من ولايتها، قائلا "أنَا ما بغيتْش ندير ثروة ملّي نخرج من الحكومة، الثروة مزيانة، ولكن اللي بْغا يديرها يمشي للتجارة ولا الصناعة ولا السياحة، أمّا السياسة فهي خدمة الناس". وخصّصَ بنكيران جُزءً كبيرا من كلمته لشرْح عدد من القرارات التي اتّخذها خلال الآونة الأخيرة، خصوصا المتعلقة بإصلاح صندوق المقاصة، وقالَ "لا يُمكْن أنْ أدعمَ البنزين والكازوال والفيول وأصرف الملايير على الأثرياء لأخنقَ الدولة"، ولِطَمْأنة الحاضرين أكّد "الدّولة ليستْ عدُوّكم، بلْ هي مثل أبيكم، الذي عليه أن يوفّر معيشة أولاده، والإصلاحات ضرورية باش الدولة ما تبقاش مقجوجة". وشَرح أنّ ترْك ميزانية الدولة "مخنوقة" بملايير الدراهم التي كانتْ تُصرف لدعم المحروقات سيجعل الحكومة تضطّر إلى اللجوء إلى الاقتراض، "وهذا سيُفقد الدولة سيادتها وتَرجع الأمور بكم إلى الوراء"، يقول بنكيران، وتابَع "لو مضيْنا في دعْم المحروقات لكان عليْنا أن نخسرَ 80 مليار درهم في ثلاث سنوات، ما بين 2012 و 2015، وأنتُم من سيدفعها". وللتّدليل على "صواب" قراراته قال بنكيران إنّ وزيرا فرنسيا سابقا، استقبله قبْل ثلاثة أيام، قال له "أنت رئيس الحكومة الوحيد في العالم الذي تقوم بإصلاحاتٍ فيها زياداتٌ على الناس، وعوض أن تنزل شعبيّتك تتصاعد بشكل مستمرّ"، وفسّر ذلك بالقول "علاش؟ حيتْ ما كدبْتش عليكم وجيتكم كُودْ، لأنّ المغاربة هم أذكى شعب في العالم وكيْعيقو بيك من الدقّة الأولى". وبخصوص الزيادة في أثمان الماء والكهرباء، قال بنكيران إنّ الإصلاحات التي باشرتْها الحكومة لإصلاح المكتب الوطني للماء والكهرباء أتَتْ باستثمارات ضخمة، بلغتْ 23 مليارَ درهم (2300 مليار سنتيم)، عبارة عن استثمارات لشركات أجنبية ستنشئ محطات حرارية في مدينة آسفي، ستوفّر 25 في المائة من الاستهلاك الوطني من الكهرباء. وانتقدَ رئيس الحكومة معارضةَ خصومه السياسيين لبعْض القرارات التي اتّخذها، مثل مساعدة الأرامل، قائلا "هادوك اللي فالرباط كانوا كايضحكو في البرلمان عندما أعلنّا عن منْح الأرامل 350 درها عن كل طفل، في حدود ثلاثة أطفال؛ كايضحكو حيتْ اللي كايشدّ ثلاثة ملايين فالشهر لابدّ غادي يضحك على مّالين عشرين ألف ريال، الذين يمثل لهم هذا المبلغ الشيء الكثير". وعلى الرغم من تنويهه بقرار دعْم الأرامل، والقرارات الأخرى التي اتخذتها الحكومة، إلا أنّ ابن كيران اعترف أنّ ما قام به "ماشي بْالجميل، هذه مسؤوليتنا"، كما اعترف أيضا بعدم قدرة الحكومة على تحقيق نتائج جيّدة في مجالات أخرى، خاصّة تشغيل العاطلين عن العمل ومحاربة الفساد، موضحا "لنْ أقول إنّي وصلْت، ولكنّ سأواصل العمل". وقال في هذا الصدد متحدّثا عن معارضيه "لو أنهم قالوا أسي بنكيران ما لقيتيش الخدمة للمغاربة، أنا قابْل، وهذا صحيح، فأنا لم آتِ بعدُ بما يكفي من المشاريع ليجد كل مغربيّ ومغربيّة عملا، هادي أنا قابْلها، وأعرف أنّ كثيرا من الناس لا يجدون عملا مقابل سبعين أو حتى ستّين درهما، لكننا سنجد حلولا بشكل تدريجي، وإنْ كان الأمر ليس سهلا". وبخصوص محاربة الفساد اعترف بنكيران أنّه لم يتوفّق في محاربته، وقال لمعارضيه "لو قلتم إنني لم أحارب الفساد فهذا أيضا صحيح، فأنا، كما قال سّي الوفا، ما زلت أشعر أنّ هناك فسادا في الإدارة"، وأضاف بنكيران إلى المجالات التي قالَ إنّه لم يحقّق فيها نتائج جيدة، محاربة المخدّرات، قائلا "إيلا قالوا ما حاربتش المخدّرات عندهم الصحّ". إلى ذلك توعّد الأمين العامّ لحزب العدالة والتنمية خصومه السياسيين بمزيد من المواجهة، خاصّة على مسرح حقوق المرأة، فبعْد أن أشار إلى المسيرة الاحتجاجية التي دعتْ إليها عدد من أحزاب المعارضة، يوم 8 مارس، وتزعّمها قادة أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، قال "قالّك غادي يخرّجو لي مسيرة، وانتوما خرّجو المسيرة وشوفو شكون اللي غادي يخرج يردّ عليكم". ويظهرُ أنّ اللقاء الذي عقده عبد الإله بنكيران بمدينة الدشيرة الجهادية قبْل أسبوع، واللقاء الثاني اليوم الأحد بمدينة الراشيدية، قدْ رفَعا "معنوياته" في مواجهة خصومه السياسيين، إذْ قال "المسيرة التي نظمتموها أمام البرلمان لم تدُم سوى يومٍ واحد، ودبَا غادي تبْقاو تشوفو هادشي (اللقاءات الجماهيرية) وتْقلّاو"، وأضاف بنوع من التحدّي "وَا بْعّدو مني الله يرحم لكم الوالدين".