لم تكن فضيحة "كازينو فندق السعدي" بمراكش، التي انتهت بإدانة ثمانية متهمين كلهم سياسيون ومنعشون عقاريون، بالسجن 25 سنة وغرامات مالية للرشوة وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ.. سوى الشجرة التي تغطي غابة من الفساد المالي الذي تعرفه مؤسسات ومرافق عمومية بالمدينة الحمراء مع انكشاف قضايا مماثلة سبق عرضها على أنظار محكمة الاستئناف. هكذا يبدو المشهد حين كشفت هيئة حقوقية مرة أخرى عن ملفات أثيرت قبل سنوات أمام أنظار القضاء بمراكش دون أن يتم الحسم فيها بإصدار أحكام نهائية، حيث تطالب الجمعية المغربية لحماية المال العام، وزارة العدل والحريات باتخاذ تدابير وإجراءات قصد تسريع وتيرة ملفات الفساد المالي بجهة مراكش. الهيئة، وفي رسالة موجهة إلى الوزير مصطفى الرميد، تقول إنها قدمت في السابق عدة شكايات إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، وهي الشكايات التي تهم قضايا شابت التدبير العمومي لجهة مراكش، من قبيل "فساد ونهب للمال العام"، فيما سجلت الجهة ذاتها "سيادة الإفلات من العقاب وغياب المحاسبة والمساءلة". وترى الجهة ذاتها أن واقع "الإفلات من العقاب" شجع العديد من الأشخاص والجهات "على الدوس على أبسط القواعد القانونية.. وضرب كل قيم العدالة"، وهو ما ولّد، وفق المصدر ذاته، انطباعا لدى الرأي "بأن سيف القانون مسلط فقط على رقاب البسطاء من أبناء المجتمع". وتطالب الجمعية المغربية لحماية المال العام، من الحكومة سن قانون على شاكلة "من أين لك هذا"، يقضي ب"قطع الطريق على الفساد" و"إطلاق يد العدالة على المفسدين وناهبي المال العام ومصادرة ثرواتهم التي راكموها على أنقاض بؤس وشقاء الناس البسطاء والفقراء". وذكرت الجهة ذاتها بمصادقة المغرب على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، مشددة على أن هذه الاتفاقية تتضمن عدة تدابير لاسترجاع الأموال المنهوبة، ما رأت فيه مدعاة للتسريع في سن قوانين وتشريعات ووضع إستراتيجية وطنية متكاملة ل"تطويق كل مظاهر الفساد" و"تخليق الحياة العامة" بالبلاد. كما سجلّت قلقها الشديد مما قالت عنه تعثر وبطء حاصلين في سير المسطرة القضائية الخاصة بملفات الفساد المالي، خاصة بجهة مراكش، منبهة إلى ملفات لا زالت قيد البحث التمهيدي منذ أزيد من أربع سنوات، وأخرى توجد قيد التحقيق أو المحاكمة "استغرقت وقتا طويلا دون أن تظهر النتائج المرجوة". أزيد من 19 ملف فساد!! ويتعلق الأمر بشكايات تهم "اختلاس وتبديد أموال عمومية والرشوة والنصب واستغلال النفوذ والاغتناء غير المشروع" في قضية تدبير مرفق وقوف السيارات والدراجات بمدينة مراكش، وقضية "جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وأعوان ومتقاعدي الجماعة الحضرية لمراكش" حول تدبير ماليتها، التي تقول الهيئة إنها تعيش على وقع اختلالات و تبديد للمال العام. إلى جانب ذلك تذكر الهيئة ملف "تبديد المال العام" حول الاختلالات التي عرفها بناء سوق الجملة بتجزئة المسار بالحي الصناعي بالمدينة، وشكاية أخرى تتعلق ب"سوء التدبير و تبديد أموال عمومية وإفقار مالية الجماعة الحضرية.." تهم سوق تجارة الحبوب الذي كان بباب دكالة، على أن أغلبية المستفيدين من رخص احتلال الملك العمومي "لا يؤدون واجبات الاستغلال منذ سنوات طويلة". وتضيف الهيئة إلى تلك الملفات التي شابها فساد واختلاس أموال عامة، "سوق بيع السمك بالجملة بتراب الجماعة الحضرية بمراكش" الذي تول إنه يخضع لنظام التدبير عن طريق وكيلين منذ عام 2000، وملف "التفاوت الصارخ الحاصل في مداخيل سوق الجملة بباب دكالة بين سنوات 2007 و 2010 و كميات الخضر و الفواكه المصرح بها بشكل رسمي"، وملف "التدبير الجماعي لمالية الجماعة الحضرية بالصويرة" و"تفويت الملعب البلدي الوحيد بمدينة الصويرة إلى نائب برلماني وعضو المجلس البلدي من طرف الرئيس السابق الطاهر عفيفي". كما تشير الوثائق ذاتها إلى ملفات أخرى من قبيل "صرف ميزانية جماعة تمصلوحت" واختلالات مالية لتعاونية الحليب الجيد بمراكش"، "وخروقات مالية شابت مشاريع بالجماعة القروية الزويت قيادة بيزضاض بالصويرة"، و"تلاعب في حي الملاح بالصويرة: بدون بنيات تحتية ومنازل آيلة للسقوط"، و"اختلالات مالية ببلدية قلعة السراغنة". المستشار الجماعي محمد الحر نال نصيبه من الاتهامات ذات صلة بالفساد المالي، حيث وضعت الهيئة الحقوقية ذاتها شكاية تهم "الاغتناء غير المشروع" و"صرف مليارات السنتيمات وتوقيع ملفات التعمير في ظرف قياسي" و"تمويل جريدة الشمس"، فيما تورد الوثائق أيضا قضية الحي الشتوي بمراكش و"تزوير في وثيقة رسمية وتبديد واختلاس للمال العام واستغلال للنفوذ: شركة ستي وان"، وأيضا "تبديد للمال العام في مشروع بناء سوق الجملة للخضر والفواكه بتجزئة المسار بالحي الصناعي".