في البداية، أود أن أوجه قليلا التحليل حول أحداث شارلي إبدو في سياقات مختلفة، هذه الجريمة التي ارتكبت في قلب العاصمة الفرنسية تمثل باريس بالنسبة لي الحلقة الأخيرة لسلسلة من الهجمات التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة عندما بدأ تنظيم الجماعات الجهادية و جماعات الإسلام الراديكالي والإسلام السياسي من خلال رسائل من دول مثل إيران ولبنان وسوريا وأفغانستان حول الصراع العربي الإسرائيلي وكل هذا يمثل الصراع الموجود في المجتمع العربي المسلم نفسه، فهؤلاء الجماعات الجهادية يقاتلون الأغلبية المسلمة المتفتحة والليبرالية والمتسامحة التي تتواجد بالعالم العربي، نفس هذه الجماعات تقاتل لسلب الحريات ودفن هذه الديمقراطية التي كافح الكثير من أجل الحصول عليها بل والأكثر من ذلك تريد أن ترجع بمجتمعاتنا نحو العصور الوسطى المظلمة أو إلى القرون الماضية وتطمح للعيش في عالم حيث هم فقط ولا أحد غيرهم. في الحقيقة هؤلاء الجماعات تتلاعب بالدين الإسلامي، فجدير بالذكر أن معظمهم لا يملك أدنى فكرة عن الإسلام ولا يعرفون شيئا عن هذا الدين، الغريب أيضا هو أنهم ليسوا بمثقفين وجلهم إن لم نقل كلهم أميون.. أغلبهم شبان تتراوح أعمارهم مابين 18 و36 سنة، بلا مستقبل ويعيشون في أوضاع اقتصادية متردية، زيادة على غياب أفق لمستقبلهم... هذه العوامل وأخرى تؤدي إلى تهيئة الظروف لانتشار التطرف والتعصب الديني، ولكن يوجد أيضا في هذه الجماعات شباب دافعهم الأساسي هو المغامرة وامتلاك السلطة لفرض وجودهم و إثبات شجاعتهم وأن لهم السلطة.. لكن في الواقع لا يوجد شيء من هذا القبيل، فهم لا يمثلون سوى الإرهاب والذبح وسفك الدماء في عالمهم الذي لا يعرف سوى قانون الغاب وقانون القوة والعنف، للأسف هؤلاء المتعصبين يستخدمون ويستغلون الصراعات القائمة في العراق وأفغانستان و سوريا لتوصيل رسالة أن الغرب ضد الإسلام، هذا فضلا عن قيامهم بأعمال تبث الرعب في جميع أنحاء العالم لتبرير عنفهم. ما يحدث اليوم يجعلنا نفكر ونفكر في هؤلاء المتعصبين المجاهدين في سبيل الله وفي سبيل الإسلام، والذين هم في الحقيقة لا يمثلون إلا أقلية بقلوب تملؤها القسوة والحقد والكراهية تجاه الديمقراطيين، تجاه الحرية وتجاه الغرب.. فمعظم المسلمين هم شعوب متسامحة يريدون أن يعيشوا ويتعايشوا مع الثقافات الأخرى والأديان الأخرى في سلام بعيدا عن أي استفزاز. من وجهة نظري علينا أن نساعد بعضنا البعض، الغرب والمسلمين والديمقراطيين لمحاربة هذه الجماعات المتطرفة ومحاربة هذه الآفة وهؤلاء المتشددين والمتطرفين الذين لا يمثلون الإسلام أو المسلمين.. وأختم بقولي أن الإسلام هو دين السلام بكل ما تحمله الكلمة من معنى.