على الرّغْم من بُعْده عن بُؤَر التوتّر والنزاعات، إلّا أنّ التطوّرات التي يعرفها العالم، ومَا واكبَها من تدفّق اللاجئينَ، باتَ عاملًا يُحتّمُ على المغربِ اتخاذَ إجراءاتٍ، منها اعتمادُ نصوص تشريعية خاصّة باللاجئين، ذاكَ ما خلُصتْ إليه دراسة أعدّها باحثان جامعيّان مغربيّان من جامعة وجدة، وقُدّمتْ خُلاصاتها في ندْوة بمقرّ المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بحضور المندوب السامي للمفوضية السامية للاجئين. الدراسةُ التي أعدّها الباحثان محمد العمرتي ورابح أيناو، وتمّ الاشتغال عليها منذ سنة 2011، وأعيدَ تحْيينها، بعْدَ إعلان المغرب عن قرار تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين غير النظاميين المقيمين على أرضه، كشفتْ أنّ المغربَ يفتقد لحدّ الآن لآلية قانونية ومؤسساتية وطنيّة خاصّة باللجوء وحماية اللاجئين، على الرغم من انضمامه إلى اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية اللاجئين منذ بداية الاستقلال. وفي الوقت الذي تحوّل المغربُ من بلدٍ لعبور المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، إلى بلدِ إقامة بالنسبة للمهاجرين وطالبي اللجوء، وتدفّق اللاجئيين السوريين، يقول مُعدّا الدراسة إنّ وجودَ اللاجئين في المغرب "أضحى واقعا لا يُمكن تجاهله أو غض الطرْف عن الأوضاع القانونية والإدارية المُبهمة لهذه الفئة، وهشاشتها الاقتصادية والاجتماعية، خاصّة في ظلّ تكريس الدستور لحقّ اللجوء في المادّة 30 منه". واعتبرَ مُعدّا الدراسة أنّ النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية اللاجئين، والتي يعتمدها المغربُ حاليا، "قديمة وغيرُ مُلائمة"، وهوَ ما يُحتّمُ ضرورة توفّر المغرب على نظام وطني للجوء وحماية اللاجئين، فعّال ومُنصف وشّفاف، ومتلائم مع المعايير الدولية وقادر على الاستجابة للتحوّلات في مجال الهجرة وتطوير آليات تدبيرها. وفيما تُوصي الدراسة بالاستئناس بأنظمة اللجوء المعتمدة في بعض الدول مثل إسبانيا وفرناس وبلجيكا، وضرورة الانفتاح على أنظمة اللجوء لبعض البلدان ذات الوضع الجيوسياسي المشابه للمغرب، مثل تركيا والمكسيك، والاستئناس بها في إرساء نظام وطني للجوء، ملائم للصعوبات التي يواجهها المغرب في مجال تدبير ظاهرة المهاجرين غير النظاميين، قال محمد العمرتي إنّ الإطار التشريعي الحالي، المتعلق باللجوء، "لايحتاج إلى المراجعة فحسْب، بلْ إلى استبداله بإطار تشريعي جديد". وأوْصت الدراسة باعتماد نصّ تشريعي خاصّ بشأن نظام اللجوء، استنادا إلى ما وردَ في ديباجة دستور 2011، يُنظم وضع اللاجئين في المغرب، وشروط ممارسة حقّ اللجوء، بما ينسجم مع ما نصّت عليه المادة 30 من الدستور، الذي اعترف باللجوء؛ وقال محمد العمرتي في هذا الصدد، إنّ مبادئ الدستور يجبُ أن تنعكسَ على النصّ التشريعي، بما يضمنُ الاعتراف بالحقّ في اللجوء، وضمان جميع حقوق اللاجئين من كرامة ومساواة وغيرها من الحقوق. ودَعت الدراسة إلى التسريع بسدّ الفراغ التشريعي الحاصل في هذا المجال، وقالَ مُعدّاها إنّ المشرّع المغربيّ لا يجبُ أن يظل مترددا في اعتماد نصّ في الموضوع بعد التعديل الدستوري لسنة 2011، وأصبح تدخّله (المشرّع) لازما بموجب الدستور "لوضع حدّ للغموض الحالي في الوضع القانوني للاجئين"؛ كما أوْصت الدراسة باعتماد التعريف الواسع للاجئ، وذلك بالاستناد إلى التعريف الوارد في الاتفاقية الإفريقية الخاصّة بمشاكل اللاجئين لسنة 1969. وفي انتظار اعتماد نصوص تشريعية جديدة تواكبُ ما جاء به دستور 2011، أوْصت الدراسة باعتماد تدابيرَ عاجلةٍ لإنهاء الوضع الحالي للاجئين في المغرب، والذي وصفتْه الدراسة ب"الغامض"، مع الأخذ بعيْن الاعتبار الحالات المستعجلة، كما أوصت الدراسة بعدم التضارب بين النصوص المختلفة المتعلقة باللجوء والهجرة وإقامة الأجانب والاتجار بالبشر؛ وحثّت الدراسة المغربَ على الانضمام إلى الاتفاقية المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية ل28 شتنبر 1954، واتفاقيات خفْض حالات انعدام الجنسية لسنة 1963.