يبدو أن رئيس الوزراء الإيطالي ماتّيو رينزي، قد ضرب على الوتر نفسه الذي نقره السفير المغربي في إيطاليا حسن أبو أيّوب قبل أيام، فقد قال سيد "قصر كيجي" إن الإرهابيين المسؤولين عن أحداث باريس في السابع من هذا الشهر “ولدوا، أو ترعرعوا في فرنسا" لذا فإن "علينا رفض الهجمات الديماغوجية". وأشار ماتيو رينزي في حوار له مع صحيفة "وول ستريت جورنال الأمريكية"، على هامش الدورة ال45 لمنتدى دافوس الإقتصادي العالمي، بسويسرا، نهاية الأسبوع المنصرم. في منتجع دافوس في شرق سويسرا، إلى أن "إغلاق حدود الاتّحاد الأوروبي لن يكون الحل في مجابهة التهديد الإرهابي". حديث رئيس الوزراء الإيطالي يتناغم مع تصريح السفير المغربي بإيطاليا، حينما قال بداية الأسبوع الماضي، في حوار خص به وكالة الأنباء الإيطالية "آجي": " ليس بمقدور أوروبا أن تواصل التصرّف باعتبارها منزلاً مغلقاً أو أن تتحول إلى حصن منعزل، وقد فشلت في ضم الثقافات المتعددة الموجودة على أراضيها، ونحن نرى النتائج أمام أعيننا"، في إشارة إلى الهجمات الإرهابية على الجريدة الساخرة "شارلي إيبدو". رغم تحفظ كثير من المهاجرين المغاربة بإيطاليا على طريقة تعاطي الجهات الرسمية مع شؤونهم بالمهجر، وبشكل خاص سفارة المغرب بروما والقنصليات التابعة لها، فإن تصريحات الممثل الأول للسلك الدبلوماسي بالديار الإيطالية، شكل تنفيسا معنويا مهما للمهاجرين والمقيمين بإيطاليا ليس فقط من صفوف الجالية المغربية، بل أيضا في أوساط الجالية المسلمة المتعددة الأصول، المقيمة بالديار الإيطالية. لقد استطاع حسن أبو أيوب أن يخلق السبق والمفاجاة في أوساط المتتبعين، بالدفاع عن المهاجرين من أبناء جلدته وغيرهم، من خلال المبادرة بالهجوم على سياسات الهجرة الأوروبية المتبعة في أوروبا ودولها كلاً على حدة، حيث قال إنها "تفتقد إلى مشروع واضح لضمّ الأوضاع والثقافات المتباينة". ولعل إشارة السفير المغربي، لتعثر فرنسا في سياسات الهجرة، حينما قال "لقد فشلت عملية التجانس في فرنسا من إعطاء نتائج ملموسة"، قابلته إشارة مهمة من التصريح الصحفي المذكور لرئيس الوزراء الإيطالي ماتّيو رينزي، حينما قال إن الإرهابيين المسؤولين عن أحداث باريس في السابع من هذا الشهر “ولدوا، أو ترعرعوا في فرنسا” لذا فإن “علينا رفض الهجمات الديماغوجية”. بل إن حديث السفير الذي جاء على هامش توقيع اتفافية للتعاون المشترك بين "أجي" و "وكالة الأنباء المغربية"، كان فيه كثير من الغمز واللمز لفرنسا، حينما قال إن “لإيطاليا مع المغرب علاقات ودّية وتاريخ سلام" منذ الاتفاقيسات التجارية مع جمهورية فينيسيا، "ولهذا السبب نرى في إيطاليا بلداً حليفاً بإمكاننا تحقيق المعجزات سواء على الصُعد السياسية والاقتصادية والثقافية"، في إشارة إلى غير الحليف الأوروبي التقليدي، أي فرنسا. هكذا يكون أبو أيوب، العارف بخبايا العلاقات المغربية الفرنسية، وهو السفير السابق للمغرب بباريس، قد دق مسمارا آخرا، في نعش العلاقات بين فرنسا والمغرب، ليؤكد عمق الأزمة بين البلدين. حيث إن عاصمة الأنوار، التي عاشت أحداث شارلي الإرهابية، تبدو هي الخاسرة الأكبر، بعد أن أوقف المغرب تعاونه الأمني والقضائي مع الفرنسيين، إثر حادث "تحرشهم" الأمني والقضائي ، بمسؤولين أمنيين مغاربة قبل أشهر على هامش لقاء دولي. يمكن القول، إن قوة التصريحات، التي أدلى بها السفير المغربي، حسن أبو أيوب، رغم ضعف الأداء القنصلي، صوب الشأن اليومي لقضايا المهاجرين المغاربة بإيطاليا، إنها استطاعت أن تبعث رسالة مؤازة وتطمين للجالية المغربية، في هذه الأيام العصيبة التي تشهدها وكذا باقي المسلمين بالتراب الإيطالي، وأيضا في أوروبا. حينما "نطق" السفير المغربي بإيطاليا، الأسبوع الماضي، خلق الحدث ورجع الصدى في الأوساط الديبلوماسية، السياسية المهتمة بشؤون الهجرة والمسلمين بإيطاليا خاصة، وأوروبا عامة.ثم أخيرا فإن حديث الرجل، لا يخرج على نسق متناغم للديبلوماسية المغربية (المتسمة بالتصعيد هذه الأيام اتجاه من يعاديها)، نموذج فرنسا ومصر على سبيل الذكر، هل هي بداية سياسة جديدة في الدبلوماسية المغربية بالدفاع عن مصالح البلاد عن طريق الهجوم؟ مجرد سؤال. -إعلامي مغربي مقيم بإيطاليا