(8) القرآن الكريم: جدل السلامة من التحريف أولى خطوات التصحيح في سياق النقل الحسم بشكل قاطع بسلامة القرآن الكريم من التحريف،لأن القول بالتحريف يخرج قائله من دائرة الانتماء للدين والأمة كليا، وإن حساسية هذه المسألة دفعت علماء معاصرين من الشيعة وأهل السنة إلى اقتراح عقد مؤتمر عام لدراسة المسألة، منهم الراحل الشيخ محمد الغزالي الذي قال: "أقترح أن يعقد الفقهاء وعلماء الفريقين مؤتمرا جامعا يعلنون من بين ما يعلنون فيه بأن القرآن الكريم كتاب الإسلام المصون والخالد، وما يتولى الآن هو كان يتلوه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه، وليس هناك في تاريخ الإسلام غير هذا المصحف الشريف"،[1] والهدف من هذا الإعلان هو "قطع دابر الفتنة وإتمام الحجة"،[2] ووافقه على هذا الاقتراح الراحل الشيخ محمد حسين فضل الله فقال: "إننا نعتقد أن من الضروري عقد مؤتمر إسلامي بين الشيعة والسنة لدراسة مسألة رفض التحريف في القرآن الكريم"،[3] ولم ير الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين حاجة لعقد مثل ذلك المؤتمر "لأن ذلك بديهي ومعروف، بل إن ذلك قد يفتح بابا من أبواب الريب في تاريخنا".[4]،فلنتجه رأسا لتبيان وجوه القول في المسألة بما يغني عن التطويل فيها. أقوال الشيعة في المسألة ليست أقوال الشيعة في المسألة واحدة كما أن النصوص المحتج بها لم تأت على وزان واحد فمنها: أولا: نصوص موهمة لوقوع التحريف منها أ- عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس. فقال أبو عبد الله: كف عن هذه القراءة، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل على حده، وأخرج المصحف الذي كتبه علي وقال: أخرجه على الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله محمد صلى الله عليه وسلم وقد جمعته من اللوحين، فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن ولا حاجة لنا فيه، فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنما كان علي أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه".[5] ب- روي عن علي كرم الله وجهه قوله: "نزل القرآن ثلاثا: ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنين وأمثال، وثلث فرائض وأحكام".[6] ثانيا: نصوص مصرحة بوقوع التحريف منها: أ- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: دفع إلي أبو الحسن (موسى الكاظم) مصحفا وقال: لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه (لم يكن الذين كفروا) فوجدت فيها اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، قال: فبعث إلي: ابعث إلي المصحف".[7] ب- عن أبي الحسن المضاي قال: قرأ أمير المؤمنين: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (من خلافة علي) وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، فقلت: تنزيل؟ فقال: نعم[8] ج- إن الله تعالى لما قبض نبيه ، ونوزعت فاطمة في ميراثها من رسول الله ، فاعتزلت الناس خمسة وسبعين يوماً حتى كتبت مصحفها، فأرسل الله جبريل إليها، حتى كتبت مصحفاً فيه علم ما كان وما يكون، وما لم يكن إلى يوم القيامة[9] د- عن أبي عبد الله قال: وإن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشرة ألف آية".[10] مناقشة أقوال الشيعة في المسألة اتبع علماء الشيعة ثلاثة مسالك في التعامل مع النصوص المصرحة بوقوع التحريف. 1- مسلك الإصرار على القول بوقوع التحريف:مثل النوري الطبرسي صاحب كتاب"فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" أوضح مثال لمن اقتفوا هذا المسلك، وقال الشيخ المفيد: "إن الأقوال قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان"،[11] وقال الشيخ البحراني: "وعندي في رسوخ صحة هذا القول (أي القول بتحريف القرآن) بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع"،[12] 2- مسلك الإنكار والنفي: واشتهر القول بعدم وقوع التحريف في القرآن عن أربعة من علماء ومراجع الشيعة الكبار وهم : 1- محمد بن بابويه القمي: يقول: "اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربعة عشر سورة، ومن نسب إلينا أنه أكثر من ذلك فهو كاذب".[13] 2- الشريف المرتضى: يقول: "إن العلم بتفسير القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها حتى ولو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا في النحو ليس من الكتاب لعرف وميز، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه".[14] 3- محمد بن الحسن الطوسي:[15] يقول: "أما الكلام في زيادة القرآن ونقصانه فمما لا يليق به لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانه، وأما النقصان فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الظاهر في الرواية".[16] 4- الفضل بن الحسن الطبرسي:[17] يقول: "... ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه فإنه لا يليق بالتفسير فأما الزيادة فمجمع على بطلانه، وأما النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة في القرآن تغييرات ونقصانا والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه".[18] والمتفحص في أقوال نفاة التحريف يلاحظ أمرين اثنين: 1- لا ينسب أصحابها القائلين بوقوع التحريف في القرآن إلى الكفر وهو تساهل ظاهر في مسألة معلومة من دين المسلمين بالضرورة. 2- لا يعضد أصحابها أقوالهم بأدلة من أقوال أئمتهم المعصومين. وتابع الأربعة القدامى المذكورين من المعاصرين الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء[19] حيث قال: "إن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله للإعجاز والتحدي ولتعليم الأحكام وتمييز الحلال من الحرام، وإنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة وعلى هذا إجماعهم، ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ"[20] (كذا: مخطئ فقط بكل بساطة). والشيخ محمد رضا المظفر[21] الذي قال: "نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل على النبي، ومن ادعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط، أو مشتبه على غير هدى".[22] ووقفت للشيخ أبي القاسم الخوئي[23] على كلام نفيس يفنذ فيه حجج من ادعى وقوع التحريف في القرآن بعد رسول صلى الله عليه وسلم أنقله بطوله لأهميته ولأنه القول الذي صارت إليه الشيعة، يقول: "إن القائل بالتحريف إما أن يدعي وقوعه من الشيخين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإما من عثمان بعد انتهاء الأمر إليه، وإما من شخص آخر بعد انتهاء الدور الأول من الخلافة، وجميع هذه الدعاوي باطلة، أما دعوى وقوع التحريف من أبي بكر وعمر فيبطلهما أنهما في هذا التحريف إما أن يكونا غير عامدين وإنما صدر عنهما من جهة عدم وصول القرآن إليهما بتمامه لأنه لم يكن مجموعا قبل ذلك، وإما أن يكونا متعمدين في هذا التحريف الذي وقع منهما في آيات تمس بزعامتهما، وإما أن يكونا في آيات ليس لها تعلق بذلك، فالاحتمالات المتصورة ثلاثة: - أما احتمال عدم وصول القرآن إليهما بتمامه وهو ساقط قطعا، وقد اهتموا بحفظ أشعار الجاهلية وخطبها، فكيف لا يهتمون بأمر الكتاب العزيز الذي عرضوا أنفسهم للقتل في دعونه. - وأما احتمال تحريف الشيخين للقرآن عمدا في الآيات التي لا تمس زعامتهما وزعامة أصحابهما فهو بعيد في نفسه،إذ لاغرض لهما في ذلك على أن ذلك مقطوع بعدمه،وأن احتمال وقوع التحريف من الشيخين عمدا في آيات تمس زعامتهما فهو أيضا مقطوع بعدمه. - وأما احتمال وقوع التحريف من عثمان فهو أبعد من الدعوى الأولى: دعوى وقوع التحريف بعد الخلاف، فلم يدعها أحد فيما نعلم".[24] ولم يغفل الشيخ الخوئي الرد على اعتقاد بعض الشيعة وجود القرآن كما أنزل عند الإمام المهدي فقال: "إن التمسك بالعترة إنما يكون بموالاتهم واتباع أوامرهم ونواهيهم والسير على هداهم، وهذا شيء لا يتوقف على الاتصال بالإمام والمخاطبة معه شفاها، فإن الوصول إلى الإمام والمخاطبة معه لا يتيسر لجميع المكلفين في زمان الحضور فضلا عن أزمنة الغيبة، واشتراط إمكان الوصول إلى الإمام لبعض الناس دعوى بلا برهان ولا سبب يوجب ذلك، فالشيعة في أيام الغيبة متمسكون بإمامهم يوالونه ويتبعون أوامره... أما التمسك بالقرآن فهو أمر لا يمكن إلا بالوصول إليه (القرآن)، فلابد من كونه موجودا بين الأمة ليمكنها أن تتمسك به لئلا تقع في الضلال، وهذا البيان يرشدنا إلى فساد المناقشة بأن القرآن محفوظ وموجود عند الإمام الغائب".[25] وبدفع هذين الاعتقادين الخاطئين: اعتقاد وقوع التحريف في القرآن، واعتقاد وجود القرآن على حده الصحيح عند الإمام الغائب خلص الشيخ إلى ما سطره في مبتدأ مناقشته فقال: "إن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف"،[26] وبهذا التصحيح يحصل الاتفاق والاجتماع على النص الأصلي والمرجعي والتشريعي لدى المسلمين قاطبة وهو القرآن الكريم. وننقل أيضا كلاما للشهيد مرتضى المطهري في دفع دعوى التحريف فيقول:"وأما القرآن، فلا يجيز أحد لنفسه التصرف فيه، لأن هذه الآية: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (الحاقة، الآية 44-46) وآيات آخرى توضح مدى عقوبة الكذب على الله، وعندما تتمركز هذه الآيات في مخيلته ينصرف عن هذا الأمر. وبهذا الترتيب، قبل أن يرى التحريف له طريقا إلى هذا الكتاب السماوي، تواترت آياته ووصلت إلى مرحلة لا يمكن إنكار أو تحريف حرف واحد منه. ولذا، لا يلزمنا البحث في هذه الناحية من القرآن، كما أن كل عارف للقرآن في العالم لا يرى لنفسه ضرورة البحث في هذا المجال.هنا لا بد أن نتذكر نقطة واحدة، وهي أنه بسبب سعة نطاق الحكومة الإسلامية، واهتمام الناس الشديد بالقرآن، وبواسطة بعد عامة المسلمين عن المدينة (المنورة) التي كانت مركز الصحابة وحفاظ القرآن، فإن احتمال خطر بروز تغييرات متعمدة أو غير مقصودة في نسخ القرآن كان أمرا واردا، خاصة بالنسبة إلى المناطق النائية على الأقل.إلا أن فطانة ودقة مراقبة المسلمين منعتا حدوث هذا الأمر. فالمسلمون منذ أواسط القرن الأول للهجرة احتملوا هذا الخطر، ولذلك استفادوا من وجود الصحابة وحفاظ القرآن، ولتجنب أي خطأ أو اشتباه، عمدا كان أو سهوا في المناطق البعيدة، فإنهم استنسخوا نسخا مصدقة (من قبل الصحابة الكبار وحفاظ القرآن) من القرآن، ووزعت هذه النسخ من المدينة إلى الأطراف، ولذلك قطعوا الطريق إلى الأبد من ظهور مثل هذه الإشتباهات أو الإنحرافات، وخصوصا من قبل اليهود الذين يعتبرون أبطالا في فن التحريف"[27]. 3- مسلك التأويل: أي الإبقاء على الروايات ثم تأويلها على غير الظاهر منها، وعن هذا المسلك صدر الشيخ على أكبر غفاري[28] وهو يعلق على الرواية السابقة لموسى الكاظم أن قول الله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا﴾[29] جاء مقرونا بذكر سبعين رجلا من كفار قريش[30] فقال: "لعل المراد أنه وجد تلك الأسماء مكتوبة في ذلك المصحف تفسيرا لقوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا﴾[31] إلى أن قال: "أحسن الوجوه في التأويل أن مرادهم عليهم السلام بالتحريف والتغيير والحذف إنما هو من حيث المعنى دون اللفظ".[32] ويتأيد ما ذكره بما ورد في كتاب الروضة من الكافي حيث يروي الكليني عن محمد بن علي الباقر أنه قال: "وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يرونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظ الرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية".[33] وفي سياق دفع تهمة القول بعدم سلامة القرآن من التحريف ألصق بعض علماء الشيعة القول بوقوع التحريف بأهل السنة بحجة ورود أحاديث وروايات في مصنفاتهم تشير إلى ذلك، منهم "المستبصر" محمد حسين يعقوب الذي يقول: "شائعات بنقص سور من القرآن الكريم: وهذه الشائعات منتشرة في كتب حديث أهل السنة كلها، ولا تجد صحيحا من صحاح أهل السنة يخلو منها، كلها تذهب إلى الزعم بوجود نقص في القرآن الكريم أو زيادة فيه"،[34] ويشاركه هذا الرأي الشيخ مرتضى العسكري،[35] ويضربان لذلك مثلا بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر: "إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن"،[36] وبما رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري أنه قال: "إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)"،[37] وغير خاف على من له أدنى إطلاع على أقوال أهل السنة في الموضوع يدرك أن الأمثلة المذكورة في إيرادات الشيعة تدخل في باب النسخ، فقد قسم علماء أهل السنة النسخ الوارد في القرآن الكريم إلى ثلاثة أقسام[38]: 1- ما نسخ تلاوته وحكمه. 2- ما نسخ حكمه دون تلاوته. 3- ما نسخ تلاوته دون حكمه. فيدخلون في القسم الأول السورة التي ذكر أبو موسى الأشعري أنها أنزلت مثل براءة في الطول،وفي القسم الثاني مثل قوله تعالى: ﴿واللاتي ياتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم﴾[39]،وفي القسم الثالث آية الرجم التي ذكرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه،ولم يقل أحد من أهل السنة أن هذا تحريف لا بالزيادة ولا بالنقصان،وكانت خصوصية جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن هي البناء على العلم بناسخ القرآن ومنسوخه،يقول الإمام الألوسي :"أسقط زمن الصديق مالم يتواتر وما نسخت تلاوته،،وكان يقرؤه من لم يبلغه النسخ وما لم يكن في العرضة الأخيرة ،إلا أنه لم ينتشر نوره في الآفاق إلا زمن ذي النورين فلهذا نسب إليه"[40]، لقد أفضت عمليات التصحيح والنقد الشيعي لروايات تحريف القرآن إلى نتيجتين رئيسيتين: الأولى:القول بعدم صحة الروايات المفيدة لوقوع التحريف لاسيما في كتاب الكافي الثانية:إن مدار جل الروايات القائلة بالتحريف على أربعة من الرواة وهم: محمد بن حسن بن جهور، ومنخل بن جميل الكوفي ويونس بن ظبيان وأبي عبيد الله السياري.فأما محمد بن حسن بن جهور فقد قال فيه ابن مطهر الحلي: "كان ضعيفاً في الحديث، غالياً في المذهب، فاسداً في الرواية، لايلتفت إلى حديثه، ولايعتمد على ما يرويه"[41]،وأما منخل بن جميل الكوفي فهو من الغلاة،وأما يونس بن ظبيان فقال فيه النجاشي:" ضعيف جداً، لايلتفت إلى كل ما رواه "[42]. أما دليل الواقع فمن طاف الأرض شرقا وغربا لن يجد بين أيدي المسلمين- شيعة وسنة- إلا مصحفا واحدا يشهد بحفظ الله تعالى له من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين،ولله ذر الإمام علي- كرم الله وجهه- الذي قال مبرزا منزلة القرآن الكريم:"واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لايغش،والهادي الذي لايضل،والمحدث الذي لايكذب ،وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان،الزيادة في هدى أو نقصان عمى،واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة،ولا لأحد قبل القرآن من غنى،فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لأوائكم فإن فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والعي والضلال،فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه ،واعلموا أنه شافع مشفع وقائل مصدق"[43] وباتفاق الجميع على سلامة القرآن من التحريف يسلم للفريقين عالم الأفكار والأذكار لتتبارى الأفهام وتتكامل في ميادين التنزيل والاجتهاد واستنباط الأحكام واستخلاص الدروس للحاضر والمستقبل. الهوامش [1] - محمد الغزالي، "أفكار مقترحة للحوار السني الشيعي"، مجلة الحوار، عدد 6، السنة 2. 1987، ص: 4. 2 - المصدر نفسه. 3 -محمد حسين فضل الله، "تأملات في آفاق الوحدة الإسلامية"، المنطلق، عدد 113، ص: 30- 31. 4 -محمد مهدي شمس الدين، "أفكار مقترحة للحوار السني الشيعي"، الحوار. عدد 6، ص: 6. 5- الكليني، أصول الكافي، 2/633. 6- المصدر نفسه. 7 - الكليني، أصول الكافي، 2/631. 8 -نفسه1/412 9- نفسه 1/240 10- المصدر نفسه، 2/634. 11- الشيخ المفيد، أوائل المقالات في المذاهب المختارات، تحقيق: إبراهيم الأنصاري، ص: 80، ط.1. 1413. المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، إيران. 12- هاشم البحراني، البرهان، ص: 49 13- ابن بابويه القمي، الاعتقادات، في: إحسان إلهي ظهير، الشيعة والقرآن، ص: 62. 14- الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، 1/29، دار مكتبة الحياة، بيروت. 15 - قال عنه العماد الحنبلي، "شيخ الشيعة وعالمهم وابن شيخهم وعالمهم، رحلت إليه طوائف الشيعة من كل جانب إلى العراق، وكان ورعا كثير الزهد"، شذرات الذهب، 4/126- 127، توفي سنة 460 ه، وانظر: رضا كحالة، معجم المؤلفين، 9/202. 16 - محمد بن الحسن الطبرسي،التبيان في تفسير القرآن، 1/ 2-3 تحقيق: أحمد القصير، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 17 - أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي المشهدي، مفسر وفقيه، كان معاصرا للزمخشري، توفي سنة 548 ه. 18 - الطبرسي، مجمع البيان، 1/30- 31. 19 - يعد من رواد التقريب بين الشيعة وأهل السنة ولد بالنجف سنة 1876 م وتوفي سنة 1954 م، ويعد من كبار علماء الإمامية في وقته، انظر: رضا كحالة معجم المؤلفين، 9/205. 20- محمد حسين آل كاشف الغطاء، أصل الشيعة وأصولها، ص: 71. 1. 1994 م، دار مواقف عربية، لندن. - 21 ولد عام 1322 م فقيه وأصولي، من أسرة علمية في النجف، انظر محمد مهدي الأصفي، لمحات عن حياة الشيخ المظفر، مطبوع في صدارة كتاب: عقائد الإمامية، ص: 83. 22- محمد رض المظفر، عقائد الإمامية، ص: 83. 23- الرئيس الراحل والأسبق للحوزة العلمية بالنجف الأشرف. 24 - أبو القاسم الخوئي، صيانة القرآن من التحريف"، مجلة المعارج، مجلد 2، العددان 16- 17 غشت العراق، ص: 19- 21. 25المصدر نفسه، ص: 16. 26المصدر نفسه، ص: 9. 27مرتضى المطهري،التعرف على القرآن 28هو محقق كتاب "الكافي"، للكليني. 29 البينة/1. 30 انظر: الكليني، أصول الكافي، 2/631. 31المصدر نفسه. 32 المصدر نفسه. 33الكليني، فروع الكافي، كتاب الروضة، 8/46. 35أحمد حسين يعقوب، الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية، ص: 75. 36صحيح البخاري، كتاب الحدود، 4/120. 37صحيح مسلم. 38أنظر:الزركشي،البرهان في علوم القرآن2/35 ،وما بعدها،تح:محمد أبو الفضل إبراهيم،دار المعرفة،بيروت.1391ه. 39النساء/.. 40الألوسي،روح المعاني1/25. 41خلاصة الأقوال في معرفة الرجال ص251 42رجال النجاشي ص838 43 نهج البلاغة.2/91-92.