ينسلُّ السوريُّون منْ بلدٍ تحمَى به وطيسُ الحرب الأهليَّة، ليجدُوا أنفسهم بملاجئَ تذيقُ ضروبًا أقسَى من العذَاب، فَإنْ لمْ يقضُوا النحب تحت دور معرضة للقصف، ولا همْ قتلُوا على يدِ الجيش النظامِي السُّوري وعشرات الجماعات الإسلاميَّة المتناحرَة، تجمدُوا ببطء في مخيمَات اللُّجوء عند الأشقاء. في الأردن، مثلًا، حيثُ تسرِي عاصفةٌ ثلجيَّة منذُ الأربعاء الماضي، تطايرتْ مئاتُ الخيَام التي جرى نصبها للاجئين ب"الزعتري، لتذرَ ساكنِيها في العراء، وسطَ تذمرٍ من شح المساعدات، علمًا أنَّ أربعة آلاف عائلة كاملة تعيشُ داخل خيام، فيما يسكنُ آخرون "كرفانات" مركبَة. ولمْ تسلمْ أعدادٌ كبيرة من اللاجئِين من الإصابة بنزلات بردٍ حادَّة، بسبب غياب وسائل التدفئة، وعدم حماية الخيام المتداعية من البرد القارس، ما زادَ الحاجة إلى الدوَاء، فيما تقُول المفوضيَّة الساميَة للاجئين بالبِلاد إنَّ تتدخلُ ببرنامج عاجل لإعانة اللاجئين، وإنها ستمكنُ 21 ألف عائلة سوريَّة منْ المساعدة على شراء مدافئ وغيرها من مستلزمات البرد. أمَّا في لبنان، الذِي فرض تأشيرة على السوريِّين، مؤخرًا، لوقف نزوح اللاجئين صوب أراضيع، فيحاصرُ الثلجُ به مائة ألف سوري في مخيمات اللاجئين بعرسال، التي صارتْ معزولة عن باقي المناطق.. وفي غضون ذلك، حاول لاجئون في حوش الامراء نواحي مدينة زحلة، حيث هبطت درجة الحرارة إلى ما دون ثلاث درجات مئوية، أنْ يزيلُوا الثلوج عن خيامهم خوفا من تداعيها على رؤوسهم. وممَّا يفاقمُ معاناة اللاجئين السُّوريِّين في لبنان رفضُ منظمات الإغاثة تقديم المساعدات بسبب القتَال الدائر على الحدُود، بينما تقول مفوضية اللاجئين بالبلاد إنَّ مسؤولية الوضع تقعُ على المجتمع الدولِي بأكمله، لا على الحكومة اللبنانيَة فحسب. ويشكُو لاجئون سوريُّون في لبنان من معاملة قاسية في البلاد، لأسباب تتراوحُ بين دعم شريحة من اللُّبنانيين لبشَّار الأسد، ومساندة حزب الله، فيما يقُول آخرون إنَّ الأزمة السوريَّة أضرتْ بالبلاد الصغيرة، وفاقمتْ وضعها الاقتصادِي والاجتماعي، مشددين على أن لبنان هو البلد الوحِيد الذِي لمْ يفرض على اللاجئين ملازمة المخيمات، وسمح لهم بالعمل. "جراء الضرب، قدمنَا من حلب، فوجدنا هنا ثلوجًا ومطرًا وبردًا..كلُّ شيءٍ سيء،لأننا نحتاجُ ثيابًا وغذاءً" تقول طفلةٌ سوريَّة في مخيمٍ بلبنان، على أرضٍ تكسوها الثلج، وهي تجزمُ بأنَّ البقاء في سوريا تحت القصف كان سيكُون أهون من قصد مخيمات اللجُوء عند الجيران.