ارتبط دوما فن الطبخ العالمي بأسماء الرجال ، لكن السيدة ، حليمة ، الفائزة مؤخراً بلقب "ماستر شاف " المغرب في نسخته الأولى كسرت هذا الحاجز لتكون بالمناسبة أول امرأة مغربية تفوز بلقب برنامج " ماستر شاف " المغرب و الذي شاهده الملايين من المغاربة بشغف لغياب برامج ذو قيمة عالية. هلل العديد من متابعي هذا البرنامج ا بفوز السيدة، حليمة، بهذا اللقب، حيث أن العديد من رواد المواقع الاجتماعية اثنوا على خلقها و رشاقتها في العمل و كذا لغتها العامية المفهومة. و أكد العديد من متتبعي البرنامج ان فوز السيدة ، حليمة ، هو فوز للمرأة المغربية و العربية ، و أنا بدوي أشاطرهم الرأي لكن في حدود ان مكانة المرأة المغربية يجب ألا تقتصر على المطبخ فقط بل يحب ان تكون حاضرة أيضا في المطبخ السياسي و الثقافي و الأدبي و جل المجالات. لكن في الحقيقة فإن هذا الفوز قد يحيلونا إلى ما أورده سابقا الراحل نزار قباني " إن اكثر الكتب مبيعا في العالم العربي هي كتب الطبخ و تفسير الأحلام وهذا دليل على أننا أمة تأكل وتنام " . فإذا قمنا بتغير الكتب بالبرامج سوف يتضح لنا جلياً أن برامج الطبخ و الغناء و برامج تلفزيون الواقع هي من أصبحت تحصد أعلى نسبة مشاهدة في العالم. شخصيا ، سوف لن القي اللوم على متتبعي بعض إن لم اقل معظم البرامج المغربية خاصية و العربية عامة ﻷننا ببساطة لسنا سوى طبقة محكوم عليها بمشاهدة بعض البرامج رغما عن أنفسنا و لنا خير مثال على ذلك بعض المسلسلات السمجة التي مازالت تؤتت المشهد الإعلامي منذ سنوات ، حيث ان بعض المسلسلات أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا ، و هذا قد يحيلونا الى ما يصطلح عليه " بالثقافة المصنوعة " أو " صناعة الثقافة ". في هذا الصدد ، يعتبر تيودور أدورنو و الفيلسوف ماكس هوركهايمر وهم من أبرز فلاسفة مدرسة فرانكفورت، و كانوا ممن أخرجوا مصطلح " صناعة الثقافة " إلى حيز الوجود. فإن الثقافية الشعبية و فقا لما ذكره ادورنو و هوركهايمر أشبه بمصنع ينتج سلعا ثقافية عوض فن يدعو الى النقد و التحليل . و لقد وجه أدورنو و الفيلسوف ماكس هوركهايمر نقداً شديدا لهذا النوع الجديد من الثقافة ﻷنها أصبحت تمثل خطراً كبيرا على الفنون الرفيعة ذات الجوهر الفكري و المعرفي. و هذا فعلاً ما نعاينه حالياً ، فلقد اصبح المتتبع يستهلك دون اخد بعض الوقت من أجل إنتاج أفكار جديدة تفيد مجتمعة و في ضل هذا فهو يتيح بطريقة غير مباشرة الفرصة لبعض شركات الإنتاج ، حق التفكير في مكانه و على حسابه من أجل مصالحهم الشخصية. في الأخير ، و لكي لا نكون مجحفين في حق المسؤولين عن هذا البرنامج الذي له الفضل في إعادة المتتبع المغربي مرة أخرى الى قنواتنا الوطنية. يجب على القائمين على المشهد الإعلامي المغربي ان يستغلوا هذه الظرفية و ان ينتجوا برامج ذو جودة عالية ﻷن المشاهد المغربي فهو جد متعطش إلى برامج تعكس موروثنا الثقافي المتنوع. *طالب باحث في الدراسات الثقافية و الإعلامية [email protected]