على مدار يومي الجمعة والسبت، شهدت طنجة تنظيم الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للموارد البشرية، بتنسيق بين الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والجمعية الوطنية لمدبري ومكوني الموارد البشرية، بحضور ما يناهز 500 مسؤول في مجال في الموارد البشرية الخبراء والمهتمين من كل أنحاء المغرب. وعرفت الجلسة الافتتاحية للمنتدى المنظم بشراكة مع فرع الشمال للاتحاد العام لمقاولات المغرب والمؤسسة الألمانية كونراد -اديناور شتيفتونغ، حضور كل عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، وحافظ كمال، المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل وإنعاش الكفاءات، وفؤاد العمري عمدة مدينة طنجة، وكمال مزاري رئيس الكونفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب وقال عبد السلام الصديقي، ضمن مداخلته في الجلسة الافتتاحية، إن مسألة التشغيل تمثل إحدى الأولويات العامة للحكومة للتعاطي مع الطموحات الاجتماعية والاستجابة لحاجيات الشباب بشكل عام. لافتا إلى أنه وبالرغم من الظرفية التي يجتازها العالم وتداعياتها على الاقتصاد الوطني، إلا أن الحكومة تمكنت من تحقيق وانجاز العديد من المشاريع الواعدة ذات الارتباط بمجال الشغل، والتي مكنت من تحقيق مجموعة من الأهداف الأساسية في مجالات الشغل والتشغيل والحماية الاجتماعية. وأشار الصديقي في معرض مداخلته، إلى أن "الحكومة وضعت آليات رصد وتتبع وتحليل سوق الشغل من خلال إحداث المرصد الوطني للتشغيل كأداة للتزويد بالمعلومات لاتخاذ القرار، وإنعاش التشغيل وضمان التوازن بين العرض والطلب، معتبرا أن منتدى مدينة طنجة يعد أيضا مبادرة مجتمعية ومناسبة مهمة تمكن من اللقاء المباشر بين رجال الأعمال لتقديم عروضهم والشباب الباحث عن فرص العمل". من جهته اعتبر حفيظ كمال، المدير العام للوكالة الوطنية لانعاش التشغيل والكفاءات، أن المنتدى يشكل فرصة مناسبة لمناقشة موضوع التشغيل من كل جوانبه وقابلية التشغيل كإشكالية "عميقة وصعبة". وأوضح المتحدث أن هناك ثلاثة عوامل رئيسة تتداخل في قضية التشغيل: أولها العامل الاقتصادي ثم الظرفية الاقتصادية المناسبة لخلق فرص الشغل، بالإضافة إلى عامل التكوين، الذي يجب أن يطابق حاجيات سوق العمل، وعامل السياسات الإرادية، الذي تتدخل فيه الوكالة من خلال برامج إرادية للتشغيل تقوم على التوجيه والتكوين. ولفت حفيظ كمال إلى أن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تقوم على المقاربة التشاركية ومقاربة القرب مع مختلف المتدخلين في موضوع التشغيل من مؤسسات الدولة والفعاليات الاقتصادية، حيث أن الوكالة تقوم سنويا بدراسات استكشافية لمعرفة حاجيات الشغل، مؤكدا أن حاجيات الشغل إلى متم سنة 2015 تقارب 130 ألف منصب، وهو ما تسعى الوكالة الى مواكبته عبر عملية إدماج الراغبين في العمل في سوق الشغل إذا توفرت لديهم الجاهزية أو في إطار برنامج التأهيل بتنسيق مع القطاعات المهنية بتكوينات تحسن قابلية المعنيين للشغل. وأجمع المتدخلون على وجود صعوبات وإكراهات في مجال التشغيل، لاسيما في أوساط الشباب، غير أن هؤلاء الخبراء والمتدخلون في الندوات سجلوا كون بعض القطاعات الصاعدة لازالت تعاني من نقص في الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية والمؤهلة، معتبرين أن الجهود يجب أن تنصب لتجاوز هذا الإشكال على توفير تكوينات ملائمة ومشاريع أكاديمية مواتية تسهل اندماج الباحثين في سوق العمل مع ضرورة انخراط الجامعات ومؤسسات التكوين في هذا المنحى وانفتاحها أكثر على محيطها الاقتصادي ومواكبة التحولات التنموية التي يعرفها المغرب. إلى ذلك قال عثمان قسيمي، نائب رئيس جمعية AGEF Chamal وأحد مكوني الموارد البشرية في الشمال إن الملتقى يأتي من أجل خلق مساحة للتواصل بين مختلف المتدخلين والمهتمين بالموارد البشرية، حيث إنه يعتبر أول ملتقى من نوعه في المغرب يحرص من خلاله المنظمون على أن يكون هذا الملتقى فضاء للنقاش العلمي الهادئ حول إشكالية الشغل وقابلية التشغيل. كما أن هذا الملتقى الذي جمع مجموعة من الخبراء في مجال الموارد البشرية، يضيف قسيمي، "يعتبر فضاء للباحثين عن الشغل من أجل تقديم طلبات التشغيل بشكل مباشر إلى الشركات بدون وسائط أو عراقيل". وحرص المنظمون خلال هذه السنة أن تكون هناك ورشات للتحسيس لاسيما لحاملي الشهادات حول كيفية صياغة طلبات التشغيل وإجراء مقابلات مع الخبراء في التواصل المكلفين من قبل الشركات. وعرفت هذه الدورة حضورا مهما للمجتمع المدني والمتمثل في الجمعيات والمؤسسات المهتمة بالشغل والتشغيل الذاتي تحت شعار "الشغل وقابلية التشغيل: التحديات المشتركة". وحسب قسيمي، فإن التشغيل بات يحظى بدرجة هامة بالنظر إلى الظرفية التي يمر منها المغرب، فبحسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن نسبة البطالة بين صفوف الشباب وصلت إلى 20%، أما معدل البطالة في المغرب يقترب من 10%، وهذه أقام مهولة "وجب علينا كجمعية مهتمة بأخذ المبادرة فتح نقاش حول الموضوع بحضور كافة المتدخلين إذ نعتبر أن قابلية التشغيل سواء كان الشغل المؤطر أو الشغل الذاتي هي الورشة التي يجب إطلاقها على جميع الأصعدة والمستويات سواء في مؤسسات التعليم العام أو الخصوصي أو المهني أو التقني أو العالي والثانوي داخل المجتمع المدني والمؤسسات المهتمة بخلق الكفاءات وتطويرها أو تدبيرها لأجل إنعاش قابلية التشغيل في صفوف الشباب حتى يتأتى للمغرب الدخول في مصاف الدول النامية من بابه الواسع". كما شهد المنتدى الثالث للموارد البشرية تنظيم معرض لمؤسسات ومقاولات جهوية ووطنية ومؤسسات التكوين، حول مجموعة من المواضيع من قبيل "المقاولة والنهوض بالشغل، ما هي استراتيجيات التدخل؟" و"واقع حال إشكالية التشغيل" و"المنظمات غير الحكومية ودعم فرص الشغل وقابلية التشغيل والتداعيات المستديمة" و"المؤسسات الوطنية والدولية ودعم قابلية التشغيل" و"المقاولة وقابلية التشغيل أي مسؤولية اجتماعية وتضامنية ؟"