كشف رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، عن أولى اتصالاته غير المباشرة مع الملك الراحل الحسن الثاني، بخصوص قرار المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 1992، وعن فحوى الرسائل الشفوية التي كانت بينهما، والتي كان ينقلها المستشار الراحل أحمد بنسودة. وقال بنكيران، في حوار خاص نشر موقع "ميديا 24" اليوم جزءه الأول، "قررنا سنة 1992 المشاركة في الانتخابات بعد الولوج إلى حزب الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب، فوصل الخبر إلى الصحافة، قبل أن يتصل المستشار الملكي بنسودة بالخطيب يطلب منه رقمي". وتابع بنكيران سرده للوقائع كما عاشها "طلب مني المستشار المجيء في الغد، حيث استقبلني حينها بحفاوة وبشاشة، وقال لي إن الملك الحسن الثاني يكن لكم الاحترام، وإلا لما بعث إليكم مستشاره الخاص"، قبل أن يدخل بنسودة في تفاصيل الرسالة الملكية إلينا". وأوضح بنكيران أن الرسالة الملكية التي نقلها مستشاره بنسودة كانت واضحة دون لف ولا دوران: "لا يمكنكم المشاركة في الانتخابات، وإلا فإن الآلة ستنطلق ضدكم، وجلالته لا يمكنه أن يوقفها"، فطلب بنكيران من المستشار العودة في الغد رفقة قيادي آخر من حزبه. ولم يكن هذا القيادي الذي رافق بنكيران سوى رفيق دربه و"علبته السوداء"، عبد الله باها، حيث قدما في الغد ليتحدثا إلى مستشار الملك الراحل الحسن الثاني، والذي لم يأت بجديد، وفق ما حكاه بنكيران للصحفي نصر الدين العفريت، سوى أنه أعاد نفس كلامه السابق. الإضافة الوحيدة التي زادها المستشار بنسودة، يقول بنكيران، أنه نقل عن الملك الراحل قوله: "جلالة الملك يسأل "أشنو بغيتو"، وهل تحتاجون شيئا"، ليجتمع زهاء أربعين عضوا من الحزب "الإسلامي"، منهم العثماني ويتيم وبوخبزة، ويقرروا عدم المشاركة في انتخابات 92. وتابع بنكيران " ما طلبناه من الملك الراحل شيء واحد هو أن يصدر أوامره للترخيص لجمعيتنا التي وضعت طلبا لذلك قبل عشر سنوات حينها، وكان اسمها "الجمعية الإسلامية"، قبل أن تصبح "الإصلاح والتجديد" سنة 1992، ثم "التوحيد والإصلاح" عام 1996. بنكيران وبورقيبة وقطب وجوابا على سؤال حول ما إذا كان الإسلام هو من دفع بنكيران إلى السياسة، أم أن السياسة هي التي حملته إلى الإسلام، أجاب رئيس الحكومة أنه "لا يدري"، متابعا بأنه ولد وترعرع في وسط ديني محافظ، خاصة أن والده الراحل كان صوفيا من الطريقة التيجانية". واسترسل ضيف الحوار بأنه انجذب إلى السياسة في وقت مبكر من حياته، حتى أن مربيته كانت تنعته "الزعيم بورقيبة"، في إشارة إلى الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، حيث كان بنكيران معروفا في سنوات شبابه بقيادته لأصدقائه، حتى أن البعض وسمه بالنبوغ القيادي منذ الصغر. وأفاد بنكيران أنه في بداياته ذهب إلى حزب الاستقلال، ثم انتقل سريعا إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بفضل صديقه منذ الصغر، محمد الساسي، غير أنه لم يقتنع بما وجده في أحزاب اليسار، ليصبح فيما بعد أكثر تدينا سنة 1975 باحتكاكه ببعض أعضاء الشبيبة الإسلامية. وقال بنكيران، وهو يستعرض أهم محطات حياته ومراجعات حزبه، إنه يتذكر يوم أن تسلم سنة 1976 أحد أعضاء "الشبيبة الإسلامية" كتابا لسيد قطب، وعنوانه "معالم في الطريق"، موضحا أنه ظل يقرأه طيلة اللي، ليصبح في الغد شخصا آخر" يؤكد بنكيران. الدولة ليست طاغوتا وكان الحوار مع بنكيران قد بدأه بالحديث عن مسار إسلاميي حزب العدالة والتنمية من السرية إلى العلنية، وأهم ما وسم هويتهم، خاصة المراجعات التي قاموا بها، حيث قال "نحن مواطنون في هذه الدولة، ولا يمكن البتة أن نتعامل معها على أساس أنها طاغوت". وأضاف "هذا الاعتقاد لم أستطع شرحه لباقي الحركات الإسلامية في العالم، لأنني لا أتوفر على الأسلوب الأكاديمي لديباجة مقالات طويلة، ولا للترويج لما هو نظري"، مضيفا "أنها كثيرة هي الفوارق الرئيسة بيننا وبين الحركات الإسلامية في العالم" يورد بنكيران. ويشرح المتحدث "لسنا سوى مجموعة أشخاص من بين آخرين، ولسنا هنا من أجل فرض أي شيء على الآخرين، ولكن نحن هنا من أجل خدمة الآخرين ومساندتهم، بينما يظل الباقي نسبيا" يؤكد رئيس الحكومة متحدثا عن تجربة إسلاميي "العدالة والتنمية" ومسارهم السياسي. وشدد بنكيران على أن هدف حزبه ليس هو الحكم "الحكم ليس هو غايتنا الأولى، ولسنا مجبرين على ممارسة الحكم من أجل إبلاغ مشاركتنا في البلاد"، مردفا بالقول "نحن جئنا للحكومة بفضل اختيارات الناخبين، لكن إذا لم يرغبوا فينا فنحن مستعدون للمغادرة" يؤكد المتحدث.