بَدتْ معظم قاعات المحاكم المغربيّة فارغة على غير العادة، اليوم الخميس، إلا من بعض المتقاضين.. وذلك بسبب الإضراب الذي دعت إليه جمعية هيئات المحامين بالمغرب ونادت بخوضه احتجاجا على ما تصفه ب"سياسة الآذان الصمّاء التي تنهجها وزارة العدل والحريات، إزاء مطالب المحامين". "الإضراب ليوم واحدٍ لا يكفي، بلْ يتعيّن علينا أن نلجأ إلى خطوات تصعيدية أكثر قوّة"، تقول إحدى المحاميات في حديث إلى زملائها داخل فناء المحكمة الابتدائية بالرباط، أمام قاعات شبه فارغة، بيْنما عُلِّقت بجانب القاعات بيانات موجّهة إلى رئيس المحكمة، من طرف هيأة المحامين بالرباط، تخبره من خلالها عن دواعي الإضراب. ويأتي الإضراب أسبوعا واحدا فقط على خوْض هيئات المحامين لإضراب جُزئي دامَ ساعتين يوم الخميس الماضي، وقال حسن وهبي، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب في اتصال مع هسبريس "المعطيات المتوفّرة لدينا يؤكّد أنّ نجاح إضراب اليوم مرتفعة، على غير المتوقّع، وبلغتْ في أغلبي الهيئات نسبةَ مائة في المائة". غيْر أنّ هيأة أكادير قرّرت عدم المشاركة في الإضراب –حسب ما نشرته وسائل الإعلام- وردّ حسن وهبي على ذلك قائلا إنّ هيأة أكادير لم تتحذ قرارا ضدّ أو مع المشاركة في الإضراب، وتركت خيار المشاركة أو المقاطعة للمحامين التابعين لها كلّ حسب قراءته"، غير أنّه استدرك أنّ نسبة المشاركة في هيئات العيون وكلميم وتيزنيت وتارودانت كانت "بأغلبية ساحقة". وسبق لوزير العدل والحريات مصطفى الرميد، أنْ أعلن، أمس، من خلال بلاغ بخصوص إضراب هيئات المحامين، أن القضاة سيعقدون الجلسات بمختلف المحاكم بشكل عادي وفي وقتها كالعادة، ومخول لهم باتخاذ الإجراء القانوني بالنسبة للملفات الجاهزة، غيْر أن إضرابَ المُحامين، حسب ما عاينتْه هسبريس في المحكمة الابتدائية بالرباط، أثّر، بشكل واضح على السير العادي للجلسات. واكتفتِ القاضيات اللواتي تولّين إدارة الجلسات صباح اليوم داخل قاعات ابتدائية الرباط بتلاوة أسماء أصحاب الملفا، والمحامين الذين ينوبون عنهم، ولمْ يمثل أمام هيئات الحُكم غير بعض المتقاضين الذي لا ينوب عنهم محامون، لتغادر القاضيات وممثلو النيابة العامّة وكتاب الضبط أماكنهم، بيْنما ظلّ المحامون يتجاذبون أطراف الحديث وسط بهو المحكمة. ولمْ يكن عدد من المُتقاضين على عْلم بالإضراب الذي أعلنته جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وبدَا احد المتقاضين متفاجئا بالقرار، حينَ التقى المحامي الذي ينوب عنه داخل المحكمة، ليُخبره بقرار الإضراب، وقال المواطن في حديث لهسبريس "لم أكن أعلم أنّ المحامين مضربون"، وعن رأيه في قرار الإضراب أضاف "آش غادي نقول لّك؟ الدنيا كاملة مْروّنة"، قبل أن يغادر مبنى المحكمة. وتحتجّ جمعية هيئات المحامين بالمغرب على مشروعيْ قانوني المسطرة الجنائية والمدنية التي أعدّتهما وزارة العدل والحريات، والتي يقول المحامون إنّها تمسّ بمهنة المحاماة، وقال وهبي إنّ مشروع المسطرة الحنائية "فيه تغوّل لسلطة الاتهام مقارنة مع ضمانات الدفاعفي الوقت الذي تستدعي المحاكمةُ العادلة أن يكون هناك توازن، غير أنّ هذا المشروع لا يستجيب لذلك". وأضاف وهبي أنّ مشروع المسطرة المدنيّة "يحرم المواطنين من الولوج المتيسّر للعدالة، خصوصا الطبقات الضعيفة"، وأضاف "هذا المشروع يقول للمواطن واجهْ مصيرك أمام القضاء لوحْدك، وبالتالي سيكون المواطنون ضحيّة، وسيتخوّفون من اللجوء إلى المحاكم للمطالبة بحقوقهم". وفي الوقت الذي أعلن وزير العدل والحريات مصطفى الرميد أنّ مشاريع القوانين التي أعدّتها الوزارة ستون محلّ مشاوراتٍ مع جميع الأطراف، قال وهبي "هذه أقوال نتمنّى أن تتحوّل إلى أفعال، وإذا كانت الوزارة مستعدّة للحوار فعليها أن تبرهن على ذلك وأن نرى هذه الوعود على أرض الواقع". ويبْدو أنّ التوتّر السائد بين جمعية هيئات المحامين بالمغرب ووزارة العدل والحريّات سيعرف مزيدا من التطوّرات، في حال عدم التوصّل إلى حلّ للخلافات السائدة بين الطرفين، إذ قال وهبي "إذا استمرّت الوزاة في مهج سياسة الآذان الصمّاء سنرى ما يتعيّن اتخاذه من خطوات في المستقبل، على ضوء اجتماع جمعية هيئات المحامين يوم 28 نونبر الجاري".