مباشرة بعد قرار القطاع النقابي لجماعة العدل والإحسان بخصوص المشاركة في الإضراب العام يوم الأربعاء 29 أكتوبر الجاري، وبشكل فجائي انتفض بعض شباب حزب العدالة والتنمية ضد الجماعة، وقسموا المغاربة إلى قسمين: المصلحون لا يشاركون في الإضراب. والمفسدون هم الذين يشاركون في الإضراب و يا ويلهم إن شاركوا! وتبعا لذلك وصفوا الجماعة بكل الأوصاف الجارحة، فمنهم من اعتبرها تتواطؤ مع المفسدين ضد المصلحين ! ومنهم من اعتبرها فقدت شرفها بانحيازها للإضراب ! ومنهم من قال أنها تريد الركوب على الإضراب ومنهم عدها تصطف مع من امتص ويمتص دماء المغاربة.... مع العلم أن القطاع النقابي لم يذكر حزب العدالة والتنمية بتاتا ولم يشر إلى الحكومة بسوء، وعندما نقرأ البيان نجده يركز على ثلاث نقط أساسية: أولا: يحمل المسؤولية في الاحتقان الاجتماعي المتنامي للمخزن، ثانيا: يدعو إلى جبهة نقابية موحدة. وثالثا: يدعم كل أشكال المقاومة السلمية والحضارية دفاعا عن حقوق الأجيال الحالية والقادمة. حبستُ نفسي عن الرد وغلبتني وقالت لشباب الحزب وقلتُ معها: بهذا المنطق إخوتي لا تحترمون خيارات الآخرين بل تختزلونها اختزالا مُخلا. وتستعجلون الأحكام القاسية بسبب حدث صغير ومؤقت، وبنفس المنطق سوف لا تقبلون أن ينعتكم الناس بأن الحكومة متعايشة مع كبار المفسدين منذ زمن داخل الحكومة ذاتها وخارجها، بل منهم وزراؤها وسفراؤها وأحيانا ينطقون باسمها ويباركون الفساد العميق والانقلاب الخطير على الشرعية ووو. آل شباط كانو في الحكومة وكانت تسمى حكومة الإصلاح بل حكومة تحارب الفساد والاستبداد ! ولا مانع من عودتهم إن رغب المخزن في ذلك مستقبلا، وستجدون من المبررات الكثير: الواقعية تقتضي... والمصلحة تقتضي... والوطن يقتضي... وآل مزوار سمعناكم أشبعتموهم سبا وطعنا ولعنا وقلتم عن مزوار ما لم يقله عدو في عدوه...وبعد ذلك أصبح الصديق الحبيب، مفسد كبير في نظركم أضحى جزءا لا يتجزأ من العملية الإصلاحية!!! يا للعجب!!! ولذلك طبعا مبررات ومبردات داخلية وخارجية لا تنتهي. وآل الهمة والعماري الذين نعتموهم بالمفسدين ورفعتم صورهم في مسيرات وقلتم أنه يستحيل الإصلاح مع هؤلاء، هم الآن يُملون القرارات في المجالس الحكومية وخارجها وينفذونها من فوق الفوق...ولا معترض ولا ممتعض...أليس هذا تناقضا؟ هل سياسة عفا الله عما سلف للمجرمين الكبار... إصلاح حقيقي في نظركم ونظرنا؟ فعن أي إصلاح تحدثون أنفسكم وأكابر مجرميها في مكانهم ومصالحهم في مكانها وسلطتهم في مكانها؟ وبالمقابل مزيدا من التضييق على الحريات في حق إخوانكم في العدل والإحسان وغيرهم. وأنتم تشهدون !!! هل هذا شرف؟ وهل تريدون إخوتي أن تجبروا الناس على الاقتناع بوهم كبير سميتموه بالخطأ -في نظري- بالإصلاح؟ مع أنني أحترم اختياركم باعتباره اجتهادا لأناس نزهاء يبذلون جهدا كبيرا لكن هناك من يراه في غير موضعه... ثم الإضراب في المغرب لا يعرقل إصلاحا أبدا، وليس كل من أضرب أسقط حكومة، وهل "الإصلاح" من الهشاشة بحيث يهدمه مجرد إضراب يوم واحد. يُتهم فيه الناس بمختلف التهم حتى قالت إحدى قيادات الحزب " للأسف العدل والإحسان الآن ترتد ردة أخلاقية وقيمية وتضرب في أبسط القيم الإنسانية " وزاد أحدهم "الاصطفاف مع هذه الأحزاب يفقد الجماعة شرفها" وكأن الشرف توزعه الحكومة أو كأنها لم تصطف من قبل معها. مع العلم أن الكلام عن الاصطفاف مع وضد فيه كثير من الاختزال والتنميط. ويذكرنا بكلام جورج بوش الإبن لما قال: "من ليس معنا فهو ضدنا"، وكلام السيسي لما خوَّن كل من يرفض الانقلاب. لنفرض أن الحكومة أنتم والمعارضة نحن أو العكس. ألا يحق لأحدنا أن يعترض على الآخر وينتقده دون أن يفقد شرفه؟ أليس استعمال هذا القاموس الجارح ينم عن ذهنية إقصائية متضايقة من الرأي الآخر والموقف الآخر والاجتهاد الآخر؟ بعضكم يريدنا أن نُضرب لوحدنا. جيد. هل حكومتكم يمكنها أن تحمي هذا الحق؟ وهل تسمح لنا فقط بتأسيس جمعية صغيرة بالأحرى أن تكون لنا نقابة كما لجميع الأحزاب التي تنعتونها بالمفسدة؟ الذي يريدني أن أكون وحدي وتنزل علي هراوات المخزن بألوانها دون علم الحكومة التي تقول عنها أنها تصلح (أو يكون في عِلمها ولا تحرك ساكنا). ويُعتم علي الإعلام تعتيما أعمى ووزارة الأستاذ الخلفي تتفرج كأنه لا يعنيها، بل تتدخل أحيانا لمنعنا كما وقع في منع ندوة التجديد العلمي في الذكرى الأولى لوفاة الأستاذ المرشد رحمه الله. وأطالب بحقي في التعبير عن رأيي فأُضطهد وأُمنع من وسائل الإعلام في زمن "الإصلاح"!!! بل أُعتقل وأُسجن ولا خبر...حتى في إعلام الحزب المصلح يا إخوتي. معذرة هذا رأيي يحتمل الصواب والخطأ. إن أصبتُ وهذا تقديري فالحمد لله على نعمة التوفيق، وإن أخطأتُ فأستغفر الله وأتوب إليه.