هاجم تقرير حقوقي سياسة حكومة عبد الإله بنكيران المالية، خاصة على إثر تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2015 للمصادقة عليه، متهما الحكومة بالاعتماد على توصيات البنك الدولي الضاغطة في هذا المشروع، والذي يسعى، وفق المصدر ذاته، إلى "إفقار واسع وغلاء أسعار مطرد مع تزايد الإخلال بالعجز المالي". وانتقد التقرير، الذي أصدرته الرباطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي ضد الفقر، مشروع قانون المالية للموسم السياسي الجديد، من حيث استخدام ألفاظ "الإصلاحات الهيكلية"، في تصريحات رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الأخيرة حين حضوره أشغال احتفال البنك الإفريقي بمرور نصف قرن على تأسيسه، والذي تحدث خلالها عن "الحفاظ على التوازنات المالية قبل التنمية الاقتصادية"، ما اعتبرته الرابطة مثيرا لمزيد من الشكوك حول اتباع الحكومة لنفس طريق إصلاحات العام الماضي. وتابع التقرير بالقول إن الحكومة مستمرة في تحاشي فرض الضريبة على الثروة والرأسمال، "ليستفيد رجال الأعمال والأغنياء كثيرا مما تسميه الحكومة إصلاحات كالإعفاءات الضريبة"، وهو ما يؤدي، وفق المصدر ذاته، إلى "إفقار واسع وغلاء أسعار مطرد مع تزايد الإخلال بالعجز المالي.. لأن القوانين المالية بالمغرب تسعى بالمقام الأول إلى تقليص عجز الموازنة بتقليل الدعم لصندوق “المقاصة”". وترى الهيئة ذاتها أن مشروع مالية العام الجديد سيتم في إطار توصيات البنك الدولي، "على إثر القروض المالية التي تلقتها الحكومة المغربية هذا العام، بضغوط من أجل حذف الاستثمارات العمومية.. ما يعني تقليل إنفاق الدولة على المرافق والخدمات بكافة أنواعها الصحية والتعليمية"، واصفة الواقع كونه يعكس "زيف الإدعاءات الحكومية حول تدعيم آليات التماسك الاجتماعي في ظل التمسك بسياسات تخدم مصالح الأقلية ضد المصالح الشعبية العريضة وضرب عميق للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسائر الفئات الفقيرة والمتوسطة". كما سجل تقرير الرابطة الحقوقية "تردّي نوعية الوظائف" و"استشراء الريع"، موضحة بالقول: أن كثيراً من الوظائف المتوافرة في المغرب ذات نوعية متردية إلى حدّ مثير للقلق، من قبيل الباعة المتجولين والفراشة..، "كما يعمل كثير من العمّال في القطاع غير النظامي، الأمر الذي يبرِّر تردي أوضاع العمل ويجعل العمّال أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية، ومن الاقتصاد المغربي اقتصاد قابل لهزات خطيرة". الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب "منتهكة" وفق تصور الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، بسبب ما قالت عنه "النظام الاقتصادي السائد، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة وخاصة بالنسبة لميزانية الدولة التي أصبحت متعارضة مع التنمية والتشغيل"، مع "النهب السافر للمال العام والثروات الوطنية واستمرار السلطات في نهج سياسة الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية". وعلاقة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فاعتبر التقرير أنها وصفة لم تحمل سوى نتائج ضعيفة في معالجة الفقر، "تراجع المغرب في سلم التنمية البشرية"، مشددا على أن المغرب يحتاج إلى مقاربة جديدة في مجال التنمية "تنسجم مع معايير حقوق الإنسان ونطالب بلجنة تحقيق في الأموال المبذرة في هذه المبادرة دون تحقيق أية نتيجة ملموسة". واعتبر المصدر ذاته أن القضاء على الفقر المدقع عبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية "ليس مسألة من مسائل عمل الخير.. لكنه قضية ملحة من قضايا حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن المغرب مُلزم قانوناً بإعمال تلك الحقوق للجميع، قبل أن يطالب الحكومة المغربية بدعوتها إلى المقررة الأممية الخاصة المعنية بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان قصد زيارة المغرب. وأوصى التقرير المذكور باعتماد إطار قانوني يضمن حق الأفراد واﻟﻤﺠموعات في المشاركة في تصميم وتنفيذ وتقييم سياسات تؤثِّر في حقوقهم، مع "تعزيز لامركزية السلطة والمسؤوليات والموارد بتحويلها إلى مستوى الجماعات المحلية"، في حين طالبت الرابطة بسنّ تشريعات لحظر التمييز من أي نوع كان، "بما في ذلك التمييز على أساس الوضع الاقتصادي والاجتماعي".