كشفت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان استمرار السياسات الحكومية في صناعة الفقر المدقع بالمغرب، وهو الموقف الذي أعلنت عنه في تقرير لها بمناسبة الأممالمتحدة لليوم العالمي للقضاء على الفقر. وأوضحت الرابطة الحاصلة على الصفة الاستشارية لدى الأممالمتحدة، في تقريرها أن “حوالي 38 في المائة من الأطفال المغاربة الذين تقل أعمارهم عن 17 سنة يعانون الفقر في مختلف أبعاده”، مؤكدة أن “هذه الفئة محرومة من بعدين على الأقل من بين الأبعاد التي تتجلى في العلاج والتأمين الصحي، والوصول إلى الماء الصالح للشرب، والسكن، والتربية والتعليم، وخدمات الصرف الصحي”. ودعت الرابطة المغربية من أجل حقوق الإنسان في تقريرها، إلى “إقامة نموذج اقتصادي تنموي ذي مقاربة حقوقية يضمن حق الشعب المغربي في تقرير مصيره الاقتصادي ويضمن التنمية المستدامة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لفائدة الجميع واتخاذ إجراءات استعجالية، مثل إلغاء المديونية الخارجية للمغرب التي تشكل خدماتها إلى جانب سياسة التقويم الهيكلي والخوصصة انعكاسات للعولمة الليبرالية المتوحشة”. كما كشفت أيضا، أن ” 46 في المائة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 15 و17 سنة محرومون من الاستفادة من التغطية الصحية، و53 في المائة منهم تحت سن الأربع سنوات محرومون من الخدمة ذاتها، و35 في المائة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 15 و17 سنة محرومون من التربية والتعليم، و8.4 في المائة من الأطفال بين 13 و14 سنة، لم يكملوا تعليمهم الابتدائي، كما كشفت أن 60 في المائة من المغاربة يعيشون الفقر والحرمان على مستوى فئتين؛ الأولى تعانيه بشكل حاد والثانية بشكل متوسط، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، مجددة تأكيدها على أن 12.6 في المائة من المغاربة قريبون من عتبة الفقر متعدد الجوانب، فيما يعيش 4.9 في المائة من المغاربة في فقر حاد متعدد الأبعاد يعني غياب أدنى شروط العيش الكريم”. وقال تقرير الجمعية الحقوقية بمناسبة اليوم العالمي للفقر الذي تخلده الأممالمتحدة تحت شعار: “الالتقاء بمن تخلفوا عن الركب كثيرا لبناء عالم شامل ينعم بالاحترام العالمي لحقوق الإنسان وكرامته”، إن “المغرب في خانة الدول التي ترتفع فيها معدلات الفقر ضمن بلدان أخرى من القارة الإفريقية، إلى جانب كل من دول زيمبابوي ومالي والصومال والغابون، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة 126 في مؤشر التنمية البشرية”. وفِي سياق تحليلها للواقع الاقتصادي والاجتماعي بالمملكة، رصدت الرابطة المغربية لحقوق الإنسان، ما وصفته ب “استمرار مشروع المالية في استخدام نفس الألفاظ حول الإصلاحات الهيكلية، الشيء الذي يثير مزيد من الشكوك حول اتباع الحكومة الحالية لنفس طريق إصلاحات الماضي”، لتكشف أنه هو”المصطلح الذي يستخدمه صندوق النقد الدولي، في تقرير إحدى لجانه حول تقييم الاقتصاد المغربي وقدرته على تسديد قروضه”. وأوضحت الجمعية الحقوقية، في تقريرها الذي حصلت “أخبار اليوم” على نسخة منه، أن “الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة المغربية، لم تنفصل أبدا عن شروط صندوق النقد بتخفيض العجز في الميزانية، عبر التخفيض في الإنفاق الحكومي على الخدمات العامة في ظل تفاقم العجز بشكل واضح خلال الأعوام الماضية”. وانتقدت الجمعية الحقوقية، “استمرار تحاشي الدولة فرض الضريبة على الثروة والرأسمال، ليستفيد رجال الأعمال والأغنياء كثيرا مما تسميه الحكومة إصلاحات، كالإعفاءات الضريبة التي تستفيد منها شركات العقار على سبيل المثال فقط، الشيء الذي يؤدي إلى إفقار واسع وغلاء أسعار مطرد مع تزايد الإخلال بالعجز المالي”، لأن القوانين المالية بالمغرب تسعى بالمقام الأول، يضيف التقرير ذاته، إلى “تقليص عجز الموازنة بتقليل الدعم لصندوق المقاصة، في نفس الوقت الذي يسعى فيه إلى زيادة الضرائب على المواطنين وفتح الأسواق لنهب رجال الأعمال وبتسيهلات ضريبية على أرباحهم كان من الممكن استخدامها لسد عجز الموازنة”. وقالت الجمعية إن “القوانين المالية ميزانيات مهمة لمشاريع استثمارية تستهدف إنعاش الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص، تعمل لصالح فئة متحكمة دون ضمان حل للمشاكل الاجتماعية المتصاعدة، وفي ظل عجز القطاع الخاص الساعي وراء الربح في تلبية متطلبات الشعب”. وكشف تقرير الرابطة المغربية لحقوق الإنسان، أن “مشروع المالية المقترح حاليا، يتم في إطار توصيات البنك الدولي، بسبب القروض المالية التي تتلقاها الحكومة المغربية باستمرار وتتعرض على إثرها إلى ضغوط من أجل حذف الاستثمارات العمومية، وهو ما يعني تقليل إنفاق الدولة على المرافق والخدمات بكافة أنواعها الصحية والتعليمية، مما يعكس زيف الادعاءات الحكومية حول تدعيم آليات التماسك الاجتماعي في ظل التمسك بسياسات تخدم مصالح الأقلية ضد المصالح الشعبية العريضة، وضرب عميق للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسائر الفئات الفقيرة والمتوسطة”. وحملت الجمعية في تقريرها “الحكومة المغربية كامل المسؤولية فيما آلت إليه أوضاع المواطنات والمواطنين، من تدهور اجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي، الشيء الذي أدى إلى تفاقم الفقر بالمغرب، لتسجل أيضا استمرار وتعمق الانتهاكات المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة النظام الاقتصادي المنتهج من طرف الحكومة، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة، وخاصة بالنسبة لميزانية الدولة التي أصبحت متعارضة مع التنمية والتشغيل، واستمرار مسلسل الخوصصة، والانخراط الكامل في العولمة من موقع الضعف، والنهب السافر للمال العام والثروات الوطنية، مع استمرار السلطات في نهج سياسة الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية”. كما أدان التقرير الحقوقي “هدم السلطات المغربية قرابة 2000 سكن صفيحي في 5 أحياء صفيحية، لعائلات جلها يعاني الفقر تابعين لنفوذ عمالة عين السبع بالحي المحمدي (الواسطي، حسيبو، ريكي، جديد، حي عادل)، من قبل السلطات المحلية مدعومة بعدد كبير جدا من قوات الشرطة والقوات المساعدة وأعوان السلطة وعمال الإنعاش الوطني، حيث قال التقرير إن السلطات المغربية نفذت “عملية الإخلاء القسري دون مراعاة الظروف الإنسانية المأساوية لساكنتها، ودون إعادة إسكانهم في مكان تتوفر فيه شروط العيش الكريم، ولاسيما وأن مكان الإيواء لا تتوفر فيه شروط الصحة والسلامة لقربه من مطرح النفايات بمديونة وفي سيدي حجاج، أي خارج المدار الحضري، بعيدا عن مصدر القوت اليومي وعن المؤسسات التعليمية، مما سيشكل عاملا مهما لحرمان الأطفال من التمدرس وارتفاع الهدر المدرسي”.