على هامش مناقشة مشرع مرسوم قانون رقم 2.14.596 القاضي بتتميم القانون رقم 012.71 الصادر في12 ذي القعدة 1391، 30دسمبر 1971، المحدد بموجبه السن التي يجب ان يحال فيها على التقاعد موظفوا وأعوان الدولة والبلديات والمؤسسات العامة المنخرطون في نظام المعاشات المدنية، والقانون رقم05.89 المحددة بموجبه السن التي يحال الى التقاعد عند بلوغها المستخدمون المنخرطون في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. مشروع مرسوم قانون هذا الذي قدمه وزير الوظيفة العمومية يوم فاتح شتنبر، بين دورتين، على أساس ان له طابعا استعجاليا، وبتبريرات لم تقنع المعارضة التي صوتت ضد سوء التدبير. الحكومة استفاقت اليوم لتجد نفسها غير قادرة على تنظيم أرقامها إن على مستوى التقاعد وعلى مستوى تدبير التوظيف، وإشراك المعنيين أو ممثليهم، والفاعل السياسي في النقاش حول اشكالية رفع سن التقاعد، وتمديد عملي لسنوات كاملة لموظفي التعليم العالي لكسب أرقام مغلوطة، ودون الاكثرات بانعكاس ذلك على جودة ومردودة التعليم. هذا ما يعتبر استهدافا للشغيلة بقرارات إدارية مأخوذة بصورة انفرادية. الحكومة أظهرت بهذا أنها بدون برنامج تدبيري لمشكل الموارد البشرية، ونتسائل هل سطرت حاجتها المستقبلية للمناصب المالية ما دامت أغلقت باب التعاقد والتوظيف ؟ هل الحكومة بدأت في الاصلاح بمنهجية تجزيئية ؟ أقول أن إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب يعيش بين مطرقة الإكراهات المالية وسندان المتطلبات الإجتماعية. إن فتح النقاش العمومي حول هذا الملف الشائك في القطب العمومي بالمغرب، يظهر أن هناك تفاوتا وضعفا في حكامة هذه الأنظمة، بين CMR/RCAR/CNSS/CIMR مثلا، وذلك راجع الى: - تدهور البنية الديمغرافية للأنظمة. - خلل في طريقة توظيف الأموال. - غياب العدالة بين المنخرطين. - وجود 36% من الساكنة النشيطة بالمغرب تشملها أنظمة التقاعد مقابل 80% بالنسبة لمصر. - 1.200مليار في الديون الضمنية، أي 1/2 PIB - 36% من المستفيدين منخرطين، تتوفر CIMR على نصفهم. - 1% من المتقاعدين لا زالوا نشيطين عوض 10% بالأمس. - 15% من المغاربة يحتكرون 70% من ثروة البلاد. - متقاعدون يحصلون على معاشات تقدر ب60 درهم، وألف درهم التي تحدث عنها رئيس الحكومة ليست معممة. - 68% من المتقاعدين يتقاضون من CNSS ألف درهم. - معدل التعويض للحفاظ على مستوى العيش الكريم للمتقاعد هو من 40% الى60% في دول أخرى. - المنخرط يساهم ب50% من راتبه والمعيار الدولي يقول ب الثلث فقط. - 2% فقط من الشركات بالمغرب تؤدي 80% من الضرائب. - 87% من الضرائب تؤديها الطبقة العاملة. - 67% من العاملين هم خارج التغطية وغير معنيون بصندوق التقاعد. هذا يدفعنا الى التسائل حول كيفية توظيف 27 مليار من الودائع في CDG ؟ إن إصلاح صندوق التقاعد عمل ضروري أصبح يفرض نفسه بإلحاح أكثر من أي وقت مضى، الى جانب صندوق المقاصة. هذا في وقت أوصى صندوق النقد الدولي الحكومة التي تتقلد مسؤولية السلطة التنفيذية بإجبارية الإسراع في إصلاح منظومة التقاعد التي تعيش تحت التهديد بانتكاسة الانهيار في السنوات القادمة إن ثم التغافل وغاب التخطيط الاستراتيجي لاحتواء وتدبير الأزمة من أجل حل مشكل الإصلاح العالق. الحزب الأغلبي منذ وصوله الى سدة الحكم صرح غير ما مرة عن عزمه التخلص من قضايا الإصلاح الشائكة التي ظلت عالقة في عهد الحكومات السابقة من ضمنها إصلاحات ورش التقاعد، ذلك النظام المتهالك لا ريب في وصفه بذلك. كنا ننتظر كمعارضة إصلاحا شاملا وليس جزئيا يشمل فئات. اليوم نحن أمام فئة أساتذة التعليم العالي، لا ندري هل غداً سنقارب فئات أخرى بمنظور سيفقدنا ربما العدل الاجتماعي ودمقرطة اهتماماتنا في التعامل مع ملفات كل الفئات النشيطة من الموظفين في المجتمع، بما في ذلك المرأة الموظفة التي يطالها حيف كبير عندما لا يستفيذ ذوي الحقوق من رصيدها بعد وفاتها. وضعية المتقاعد لا تخفى على أحد، بل ان نقاشها وإعادة نقاشها اسقطنا في تصنيفها بالمواضيع المستهلكة على حائط المنتديات الذي اصبح يشبه حائط مبكى يندب وضعية الصناديق، وينعي القوانين المنظمة للمعاشات. ما يريده الرأي العام اليوم، هو صناعة قرار سياسي لحل هذه المعضلة، قرار وطني يشارك فيه جميع المعنيين والفاعلين تفعيلا للحكامة في صنع القرارات بإشراك ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني وكل الشركاء نظرا للتكامل بينها وللتداخل في الأدوار، في إطار من المسؤولية التاريخية، الشفافية والمحاسبة ورؤى استراتيجية مجتمعية تجعل من المواطن الكائن الإنسان وتنمية واستقرار الوطن الغاية الأسمى التي نعمل عليها جميعا. لأن إصلاح أنظمة التقاعد هي إشكالية مجتمعية تتطلب قرارات سياسية كبرى لضمان كرامة المتقاعد وديمومة الصناديق وتوازناتها المالية، والحفاظ على القدرة الشرائية، وعلى حماية تنافسية المقاولة الوطنية.