بمناسبة اجتماعها الأخير، المنعقد بمقر العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قصد تدارس المستجدات المرتبطة ب"آفة" التعذيب بالمغرب، وقفت لجنة مناهضة التعذيب على خمس ملاحظات اعتبرتها اعوجاجا في ما تراه السلطات المغربية مسيرة للنهوض بحقوق الإنسان في البلاد. الملاحظة الأولى، وفق حقوقيين، تتمثل في أن الدولة المغربية تتلكأ في وضع أوراق التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لدى الأجهزة المعنية بالأمم المتحدة، والمتعلق بزيارة أماكن الاحتجاز، وذلك بعد مرور سنة على الإعلان عن مصادقة المغرب عليه، ونشره في الجريدة الرسمية، عدد 6166 الصادر في 04 يوليوز 2013. جواب وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، على سؤالين شفويين طرحهما فريقا العدالة والتنمية والحركة الشعبية، بمناسبة إحدى الجلسات الشفوية في مجلس النواب، حول تقرير "أمنيستي" المرتبط بالتعذيب، لم يمر مرور الكرام حيث سجل أعضاء اللجنة "رد الفعل الرسمي السلبي" إزاء منظمة العفو الدولية، عقب إعلانها إطلاق حملة دولية مناهضة للتعذيب في خمس دول ضمنها المغرب. الجمعيات المشكلة لهذه اللجنة آخذت على السلطات عدم تفعيل التوصية المتعلقة بوضع إستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب بعد حوالي ثمان سنوات على تضمنها في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة. ولفتت الجمعيات إلى ما وُصِفَ بالتهديدات المباشرة التي أطلقها وزير العدل والحريات في حق المصرحين بالتعرض للتعذيب ممن يثبت عدم صدق شكاويهم "وهو بموقفه هذا يفتح باب الانتقام المسبق ضد المتضررين من التعذيب ويتناسى أن للوشاية شروط لا تختلط بتصريحات الضحايا وشكاياتهم" يقول أعضاء اللجنة. وعبر المجتمعون عن قلقهم من تصريحات وزير العدل والحريات "المهددة للمصرحين بالتعرض للتعذيب"، حسب تعبيرهم، والتي تتناقض مع مقتضيات الفقرة 1 وتحديدا المادة 21 من البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. وجاء في هذه المواد "لا تأمر أي سلطة أو مسؤول بإنزال أي عقوبة بأي شخص أو منظمة أو أن يطبق عليهما العقوبة أو يسمح بها أو يتغاضى عنها بسبب قيام هذا الشخص أو هذه المنظمة بتبليغ الآلية الوقائية الوطنية بأي معلومات، صحيحة كانت أم خاطئة، ولا ينبغي أن يضار هذا الشخص أو هذه المنظمة في غير ذلك من الأحوال بأي طريقة أيا كانت". الحاضرون بمقر العصبة لم يفتهم أيضا التأكيد على استمرار ظاهرة التعذيب خاصة أمام التوصل المستمر للهيآت الحقوقية بحالات متعلقة بالتعرض للتعذيب، ومتابعتها من أجل إعمال العدالة بشأنها وهو ما يبين، حسب هذه الهيئات، أهمية الآلية الوطنية لمراقبة أماكن الاحتجاز للوقاية من التعذيب المزمع إحداثها بموجب المادة 17 من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والمساهمة في النقاش العمومي المرتبط بالتعديلات المقترحة للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية. اللجنة المشكلة من 14 تنظيم حقوقي، من بينها منتدى كرامة لحقوق الإنسان، القريب من حزب العدالة والتنمية، وبعد نقاش وتداول حول عدد من الموضوعات، خلصت إلى ضرورة الإسراع بوضع أوراق التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب من طرف الدولة المغربية لدى الأجهزة المعنية بمقر "بان كي مون، في نيويورك. وعبرت عن التضامن مع منظمة العفو الدولية في العمل الذي تنهض به مع التأكيد على أن الضمانة الأساسية، للحد من التعذيب تبقى مرتبطة بوضع حد للإفلات من العقاب من خلال تفعيل وأجرأة توصية هيئة الإنصاف والمصالحة، المتعلقة بوضع إستراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب.