التضخم الاقتصادي نتجت عنه المنافسة وأضحت سببا لصناعة الإعلانات لتسويق المنتجات، هذه الصناعة استغلت وسائل الاتصالات لتحفيز المستهلك على الشراء وتم استخدام الصورة والموسيقى واللغة واللون لجعل المتلقي ينسجم ويقاد في غير وعي نحو المنتج . المواطن البسيط العامي لا يناقش ولا يحلل ما هو بصدد مشاهدته ويقتصر على الاستهلاك و التقليد وبالتالي فالمفهوم السيميولوجي بعيد عن فهمه وهو يركز فقط على الاستقراء . الاشهار يطرح المشاكل و ماذا ستؤدي إليه في حالة عدم حلها و قدم المنتج كحل وحيد ونهائي لها مع استعمال اسلوب تأكيدي أثناء توجيه الخطاب، يتجاهل الإعلان الحديث بكلام المنطق وتعم فيه اللهجة الساخرة وتتسبب في ايقاف مؤقت للذهن فيصبح بعدها المشاهد مشحونا برغبة ناتجة عن تأثره الشديد بالإعلان، كما أن تكرار هذا الاعلان يعزز هذه الرغبة ضنا من المستهلك أنها ستحسن وضعه و التالي فهو يتصور هذا المنتج مثاليا . الملاحظ أن قنواتنا المغربية لم تراعي أدنى مقاييس احترام عقل المشاهد في تقديمها لإشهار عصري حداثي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه تافه جدا، استعمال ممثلين معروفين وأغان و لحان مألوفة مع استخدام سيء للمرأة و جعلها وسيلة و أداة للاستقطاب وجذب الانتباه، وكأن اقتناء السكن مغزاه امرأة واستعمال منتجات التنظيف متوقف على المرأة، و كل ما له علاقة بالمطبخ هو من اختصاص المرأة...ستخدام المرأة للجذب يقلل من قيمتها لأنها تبدو كمستهلكة وليس كمنتجة أو مالكة أو ذات عقل مخطط، وأن ما تشتريه من سلع هو الذي سيجعلها تنعم بالجمال و الحب و النجاح و السعادة و أن استهلاك السلعة سيكسبها ثقة في نفسها و بالتالي فهي تتعامل مع ذاتها حين تشتري و ليس مع السلعة، أما الرجل فيعامل كأنه الحكم وهذا له انعكاسات خطيرة جدا على المرأة نفسها وعلى المشاهد عامة حيث تجعله سطحيا في التفكير وقاصرا في الفهم و يصبح مستلبا فكريا لأنه يخضع لأسلوب كولونيالية الفكر. الاعلانات على قنواتنا تعزز الاستهلاك ملحقة أضرارا بالمستهلكين ، تركز على القشور و تخلق المشاكل الأسرية وتعطي قدوة سيئة للنشء وفي حين تناقش قضايا المرأة في المحافل العالمية يتناولها الاعلان بسطحية عبر التلفزيون، وهذا يجعلها تبدو بصورة نمطية منحطة ودونية، وبالتالي فجسدها معد وموجه نحو الاستغلال، و هذا فيه ظلم شديد للمرأة و فيه نشر للإنحلالات الأخلاقية تجريد للدور الفعلي للمرأة الذي يكمن في تربية الأجيال وبناء المجتمعات ونمائها. وبما أن شركات الإعلانات لا تراعي هوية البلد وعاداته وتقاليده، ولا تحترم الشرائح المتلقية ولا تخدم الحقيقة و تصرف النظر عن القضايا العامة و تقدم المنتج بإسفاف و مبالغة فهي تمس مباشرة بهيبة الدولة. فلماذا لا يتم التعامل مع الاشهار كجنس أدبي مستقل له قواعده و خصوصياته؟ و لماذا يركز الاعلان في التلفزيون المغربي على المرأة بغية التأثير على المشاهد ؟ وما مدى وعي المرأة بصورتها في الاعلان؟ وهل التلفزيون المغربي مدرك لكون الاعلانات التي يبثها عبر فضائياته تعبر عن هويته وثقافته؟