يفضل العديد من المغاربة في شهر رمضان أن يقصدوا المساجد التي يؤم فيها صلاة التراويح أئمة شباب يتمتعون بأصوات ندية وجميلة في تلاوة القرآن، بحثا عن نوع من الأجواء الإيمانية التي تحفز على الخشوع، غير أن الأمر أحيانا يصل إلى هيمنة طقوس من البكاء والعويل، خاصة وسط المصليات اللائي يتأثرن برخامة الأصوات الحسنة. ويعتبر البعض أن البكاء في صلاة التراويح، وإطالة صوت النحيب تأثرا بآيات القرآن التي يتولها الإمام خاصة إذا كان ذا صوت مبلغ ومعبر، شيئا يزيد من حسن وخشوع الصلاة في شهر يتسم بالرحمة والمغفرة، فيكثر عدد من المصلين الفرصة للبكاء والتباكي أيضا عند كل آية عذاب أو رحمة يتلوها إمام التراويح. وبجولة سريعة على بعض المساجد بالمغرب خلال صلاة التراويح والتهجد أيضا، خاصة تلك المساجد التي يؤم فيها الصلاة أئمة شباب بأصوات حسن وطرية، تُسمع أصوات البكاء تأثرا وتجاوبا مع الآيات القرآنية الكريمة، وهو ما يعده الشرع أمرا محبذا، إلا أن تحصل المبالغة من البعض، فيتحول البكاء إلى عويل وصياح، وأحيانا إلى إغماءات وإصابة بالصرع. الشيخ محمد زحل، أحد علماء الدين ومن مؤسسي العمل الإسلامي بالمغرب، أكد في هذا السياق بأن تصنع البكاء الشديد خاصة من طرف المأمومين في صلاة التراويح هو من البدع، مضيفا أن المصلي يمكن أن تغلبه نفسه ويعيش مع القرآن ويبكي، كما يحق له أن يتباكي، لقول الرسول الكريم "اقرأوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا تباكوا". وتابع زحل، في مقطع فيديو بُث أخيرا على الانترنت، بأن المشكلة في أن يتحول هذا البكاء في صلاة التراويح إلى فلكلور وهستيريا تُخرج عن الخشوع والخضوع وحضور القلب أثناء تأدية الصلاة"، منتقدا مظاهر الجذب والسقوط "شي كيجذب وشي كيطيح"، فهذه ليست عبادة، خاصة أن قيام الليل في رمضان قيام جماعي". والأفضل، يضيف زحل، أن يُظهر المصلي خشوعه في زاوية من بيته، فالله رقيبه وحسيبه، أما أن يُظهر ذلك أمام الناس فهو من الرياء الذي يحطب العمل ولا يقبل الله معه عملا" على حد تعبير عالم الدين المغربي.