لمْ تكد رياحُ الودِّ تسرِي بين المغرب وفرنسَا، على إثر استدعَاء مدير مراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، قبل أشهر في العاصمة الفرنسية، باريس، وما أعقبهُ منْ تشنجٍ وصل حدَّ تعليق كافَّة الاتفاقيَّات القضائيَّة، حتَّى طفَا حادثُ جديد، ليعِيد عقارب الساعةِ إلى الوراء، مع محاولةِ العسكري المغربي السابق، مصطفى أديب، التسللَ إلى الغرفة التِي يرقدُ بها الجنرال، عبد العزيز بنَّانِي. محاولةُ الضابط المغربي السابق، زيارة الجنرال المريض، في مستشفى "فال دو غراس"، أغضبتْ الرباط، التِي استدعتْ السفير الفرنسي لديها، شارل فرِي، لتعربَ لهُ على لسان، ياسين المنصوري، المدير العام لمديرية الدراسات والمستندات، عن "أسفها"، إزاء ما اعتبرَ تساهلًا نفذَ معهُ "أديب" رغم الحراسة المفروضة على المستشفى العسكري. الحادث الطارئ يضعُ أكثر منْ عصَا في عجلةِ العلاقاتِ بين البلدينْ، اللذينْ لمْ يتداركَا بعد أزمتيهما الأولى، ممثلتين في استدعاء الحموشي، والتصريحات المقذعة في حق المغرب، كما نسبها سينمائيٌّ إسبانِيٌّ إلى السفير الفرنسي لدى نيُويورك. الخبير العسكرِي والمحللُ السياسي، عبد الرحمن مكَّاوِي، يقولُ في حديثٍ لهسبريس، إنَّهُ تحدث إلى شخصيَّاتٍ فرنسيَّة، بحكمِ تواجده بفرنسا حاليًّا، ووقفَ على رفضٍ لمَا جرى بمستشفى"فال دو غراس"، في الوسط العسكري كمَا الحقوقِي والطبِي، حيث إنَّ محاولة النيل منْ رجلٍ يقعُ بين الحياة والموت، أيًّا كان الباعث، رآهُ الفرنسيُّون شيئًا غير مقبُول "حتى اليساريُّون شجبُوا ما حدث، لأنَّ تسويَة الحسابات، تكُون عبر القضاء، أوْ قنواتٍ أخرى واضحة، لا عنْ طريق الابتزاز في لحظةٍ صحيَّة حرجة"، يردفُ مكَّاوِي. وعنْ قراءتهِ الحادث في نطاق التطورات التي شهدتها العلاقات بين الرباطوباريس، منذُ فترة، يوضحُ مكَّاوِي، أنَّهُ منذ وصول الاشتراكيِّين في فرنسا إلى الحكم، وأطراف لها علاقة بالكنيسة البروتيستانتيَّة تتشغلُ لإفساد العلاقة بالمغرب، موظفةً أدواتٍ لتنفيذ أجندتها، حتَّى أنَّ ندوةً نظمتْ، الأسبوع المنصرم، في الجمعيَّة الوطنيَّة لفرنسا، كانتْ طافحةً برسائل عن تودد بارِيس إلى الجزائر، الذِي يجدُ تفسيرهُ فِي السعي إلى حظوة المقاولات الفرنسية بالسوق الجزائريَّة، وتأمين الغاز الجزائرِي، فيما تنذرُ الأزمة الأوكرانيَّة بمشكلٍ على مستوى تأمين المادة. مكَّاوِي يسوقُ عنْ المسئولين الفرنسيين الذين حضرُوا الندوة ثناءً غير مسبوق على الجزائر، عبر تقديمها شريكًا استراتيجيًّا لا يمكنُ الالتفاف عليه في التصدِي لتحدِّي الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، مع تصوير المغرب كمَا لوْ كان صداعًا لا يأتِي منه سوى الأذَى، على نحوٍ ينالُ من كرامة المغاربة. تبعًا للتراكم الحاصل، يخلصُ الأكاديميُّ المغربيُّ إلى أنَّ ثمَّة ضرورةً اليوم، بالمغرب، إلى إجراء بوقفةِ تأمل، ومراجعة العلاقات الخارجيَّة، بما يقطعُ مع تصور المغرب كما لوْ كان محمية فرنسيَّة، تخضعُ لأهواء فرنسا، التي صارت بعض الأوساط بها تدفعُ في اتجاه تسميم العلاقات مع المغرب. المتحدثُ يردفُ أنَّ العاهل المغربيَّ كانَ متيقنًا من لزوم تنويع الشركاء، فسار نحو الولاياتالمتحدة ويتجهُ نحو روسيا، وإفريقيا، في ديبلوماسية هجوميَّة، تصون كرامة المغرب؛ الذِي لمْ يعد قاصرًا، تتصرفُ إزاءهُ فرنسا دُون ضوابط، يقول مكَّاوِي، عنْ الانتكاسة التِي ألمتْ، بالعلاقات بين المغرب وفرنسا، وتفتحُ أسئلة شائكةً عنْ مستقبلها، في المنظورين القريب والبعِيد.