في سابقة من نوعها لم يتردد عضو مستقيل من حزب العدالة والتنمية في تأليف كتاب عبارة عن سيرة ذاتية حول تجربته السياسية الخاصة في دواليب هذا الحزب "الإسلامي"، حيث وصف قيادييه بالذئاب الملتحية، واعتبر السنوات التي قضاها داخل هذه الهيئة بأنها "خديعة كبرى". وأقام لحسن كرام، الذي قضى ما يربو عن 11 سنة داخل تنظيمات حزب العدالة والتنمية، صباح الأربعاء بالدار البيضاء، حفل توقيع كتابه الجديد موسوما بعنوان "الذئاب الملتحية، الخديعة الكبرى: سيرة ذاتية ومراجعة فكرية لمستقيل من تنظيمات العدالة والتنمية". وقال كرام، الذي شغل مناصب داخل حزب "المصباح" على المستويين المركزي والإقليمي، وأشرف على ملف التواصل وإعادة الهيكلة مركزيا، إن الكتاب الذي أصدره يعد سيرة ذاتية عن مسار سياسي لإطار شاب قضى ما بين 1997 و2008 داخل تنظيمات حزب العدالة والتنمية. وأفاد كرام، في تصريحات لهسبريس، أن الكتاب يحاول ملامسة سياقات رئيسة، منها أنه "يقدم سيرة ذاتية عبارة عن مراجعة فكرية للكاتب بخصوص أطروحة "العدالة والتنمية" المحسوب على التيار الإسلامي"، مبرزا أنه "أخذ مسافة زمنية تقدر ب 5 سنوات قبل أن يدبج الكتاب، حتى لا يكتب تحت ضغط ردة الفعل أو الشخصنة". تجار النصوص المقدسة وقال العضو المستقيل من حزب العدالة والتنمية إن كتابه "الذئاب الملتحية" تطرق أساسا إلى "علاقة النص المقدس بالسياسة"، مؤكدا أنه "لا يتحدث هنا عن الأخلاق بل عن الجانب الوظيفي للحراك داخل المجتمع، ومدى توظيف الدين في الصراعات السياسية". ولفت كرام إلى أنه "بحث في العقل السياسي داخل الحراك الاجتماعي الإسلامي منذ الفتنة الكبرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، حين تم توظيف المصحف الكريم في للخلاف بين الفريقين، ليتكرر منذ ذك الوقت استخدام نفس الآليات والوسائل والوصول إلى ذات النتائج". وشدد المتحدث على أن "توظيف بعض الحركات أو الجماعات للدين في السياسة يفضي إلى العديد من المشاكل والفتن"، مشيدا بالتجربة الفريدة للمغرب الذي بنا هيكلا واضح المعالم بمبايعة أمير المؤمنين، وانتدابه من طرف الأمة لتدبير أمر الدين، ما جعل استمرار الدولة واستمرار العرش الذي يعد ثاني أقدم عرش في العالم بعد العرش الياباني. وأردف المصدر ذاته أن الكتاب جاء في مرحلة ما يسمى الحراك أو الربيع العربي، وغيرها من المسميات الكثيرة، والتي شكلت حقبة خطيرة ومفصلية في تاريخ المنطقة العربية، فإما العودة إلى الاستقرار، أو الانهيار الكامل والوصول إلى تفتيت الدول. وحول أسباب اختيار وصف "الذئاب الملتحية" عنوانا لكتابه، وهل هو رد على نعوت التماسيح وغيرها من الحيوانات التي التصقت بالمعجم السياسي لبعض قادة العدالة والتنمية، أوضح المؤلف بأن الدلالة السيميائية للذئب كونه يحيل إلى المكر والخداع، مشيرا أنه "كان فريسة لذئاب لم ترحمه قط داخل هذا الحزب". وتابع "ضعتُ لما كنت أعمل داخل تنظيمات هذا الحزب في العديد من الأشياء، وتعرضت للسطو على كفاءتي ومستقبلي، وحتى أبنائي"، موضحا أن "علاقته بزوجته تأثرت سلبيا بشكل كبير بسبب الضغط النفسي إبان مرحلة السذاجة جعلته يتصرف بكثير من الفظاظة والمزاجية والعصبية داخل أسرته". وخلص المتحدث إلى أن الكتابَ القصدُ منه "تنبيه الشباب إلى أن يحمي نفسه ممن سماهم تجار النصوص المقدسة، والذين ليست لهم سوى هذه البضاعة"، يقول كرام الذي أردف بأن "الذئاب الملتحية يجعلون من هذه البضاعة سلاحا يحملونه بدون موجب قانون للسطو على كفاءات وطاقات الشباب" وفق تعبيره.