إن المتتبع لأنشطة الجالية العربية الإسلامية في أمريكا، يلاحظ مدى الانحطاط الأخلاقي والديني والاقتصادي والاجتماعي الذي تتخبط فيه. وذلك بفعل ما تُقْدم عليه بعض الجهات، التي تنصب نفسها وصية على الشأن الديني والثقافي للمسلمين. وما يزيدنا استغرابا هو ظاهرة »التبرعات» التي يقف من ورائها بعض الأشخاص الذين صارت عندهم حرفة يمتهنونها. ونقصد التبرع واستجداء قلوب المسلمين من جالياتنا لبناء المساجد. فإذا كانت مبادرة بناء مساجد (بيوت الله) لنصرة ديننا الإسلامي الحنيف، وإدماج أبنائنا في هويتنا للمحافظة عليها وضمان استمرارها، فإن الطريقة التي تتم بها هذه العملية تطرح أكثر من علامة استفهام. فقد صار في أمريكا أشخاص يحترفون البكاء الاصطناعي وإقامة موائد جمع الأموال، التي لهم فيها نسبة مائوية (أي إن لديهم نسبة مائوية يكسبونها من الأموال التي يتبرع بها المسلمون لبناء بيت الله!!!). وهم في ذلك يوظفون أسلوبا فجا وهجينا يلبس لبوس الدعارة بكل موصافاتها، التي يتبرأ منها الله ورسوله والمؤمنون. إلى جانب هذا، هناك أمر خطير، بدأت بوادره تبدو علانية، وهي تسييس العمل الجمعوي لدى الجالية العربية الإسلامية (خاصة المغاربة) حيث صار المسجد والدين يوظفان كتقية لتمرير خطاب سياسي (ينسب إلى حزب إسلامي مغربي). حيث أصبحنا أمام حملة انتخابية برلمانية تمهد الطريق لأحد الأشخاص المحترفين للعمل الجمعوي، تكالبا وهرولة نحو مقعد برلماني يشاع أنه سيمثل الجالية المغربية المقيمة في الخارج في مجلس المستشارين. لأجل هذا، فإننا ننبه كل أفراد جاليتنا (جالياتنا) العربية الإسلامية (وخاصة المغربية) أن البكَّائين المنافقين، الذين امتهنوا حرفة جمع التبرعات لبناء مسجد، أو تدريس العربية وتعاليم القرآن، واستقدام »فقهاء« الظلام المسيسين الذين لا قيمة ولا مستويى معرفي لديهم، هم أكبر أعداء الله، وإنهم يكسبون الأموال الطائلة على حساب الناس ذوي النوايا الحسنة. كما نثير انتباههم إلى أن ما يجري في الخفاء والعلن، من انقسامات وتشتت (وبَلقنة) وكثرة التبرعات لبناء كثرة من المساجد في منطقة واحدة!!، يكشف بجلاء عمق الخلل، ودرجة التلهف المادي والمصالح الشخصية لدى هؤلاء المنشقين الذين صار لكل واحد منهم مسجدا (وهي في واقع الأمر عبارة عن دكاكين أو شركات معفاة من الضرائب). فكفى من هذه الدعارة الحاطة بقيمنا وبشهامة العرب ونبل ديننا الذي يحثنا على التواصل والإخاء وخدمة مصالح الناس والصالح العام. وكفى من هذا التشرذم السياسوي الخبيث الذي ابتلي به الناس. وكفى من نهب أموال المسلمين لبناء »شركات« تتخذ واجهة مساجد. وكفى من الفضائح فقد أصبح بكاؤكم وزعيقكم وحماستكم يعري سوءاتكم أمام الجميع..!