صورة عبد الكريم بويمجان فور تواجده بالمستشفى الإقليمي بالنّاظور (عن كاب ناظور) لم يكن عبد الكريم بويمجان يعلم بأنّ إلحاحه في طلب نصيبه من تركة أبيه سيجعله يقطع اتصاله بالعالم لستّ سنوات بالتّمام والكمال، كما لم يكن نفس الشاب يع بأنّ ذات المطالب التي صنّفها "عادلة" قبل أن يرفع صوته بها في وجه أمّه وإخوته ستجعله في يوم من الأيّام يواجه محيطه بصفته فردا ذا "احتياجات خاصّة".. وكذا بطلا لفضيحة اجتماعية قد يطول أمد تداولها بروايات متباينة غير بعيد عن مدينة النّاظور. عبد الكريم رابط قسرا بإسطبل بهائميّ طيلة السنين الستّ الماضية، ولم يكن رباطه خاليا من المقاومة ولا الألم طيلة الأمد الممتدّ على مساحة زمنية من 72 شهرا الماضية، إذ غابت الشفقة والرحمة وماتت صفات الإنسانية بحضور تكالب قاسٍ مُفعلّ من قِبل الأمّ والإخوة من الجنسين لشلّ حركة الضحيّة باستعمال سلاسل وأقفال لا يقوى على فَلِّ معدنها الصدئ أقوى الأقوياء.. فالبداية كانت سنة 2004، حينها توارى عبد الكريم عن الأنظار وسط غياب لأي تبرير من أسرته، والسبب الخفيّ لم يكن إلاّ مُطالبة الشّاب المزداد سنة 1987 بوجوب تفعيل مسطرة القسمة كي يتمكّن من الحصول على نصيبه من ميراث أبيه.. إلاّ أنّ أمّه وأخاه الأكبر المُتزوج وأخته المُطلّقة كان لهم رأي آخر صنّف مطالب الأخ الأصغر بميراثه ضمن خانة الإجراءات "الخطيرة" التي لا تخدم تطلعات الأسرة التي توفّر متطلبات كافة أفرادها من الميراث المُشاع بينها طالما تستمرّ في العيش وسط دهماء البطالة بدوّار جواهرة السفلى بجماعة بني بويفرور، حيث تمّ اتخاذ القرار أسريا وجماعيا بحرمان "الثائر الصغير" من الحرّية اتقاءً لأي إجراء غير محمود العواقب. فضيحة أسرة بويمجان برزت على مجرى الأحداث بإقليم النّاظور بعدما فطن أحد العابرين لمحنة عبد الكريم بمجرّد عبوره جوَارَ "الإسطبل | المُعتَقَل"، إذ لم يُصدّق "فاضح الأمر" عينيه وهو يتتبّع مصدر صوت بشريّ يئِنّ يوهن، ليرمُق بعد طول بحثٍ منظرَ الشّاب المعزول وهو عار من كلّ مَخِيطٍ ومُحيطٍ.. وهو ذات الأمر الذي تمّ تسجيله ضمن محضر معاينة رسمي أشرف على إنجازه فريق تحقيق مختلط مُشكّل من قيادة بني بويفرور وتقسيمة الدرك الملكي بالمنطقة، حيث تمّ فتح تحقيق في النّازلة فور تلقّي بلاغ بالحالة في الوقت الذي أودِع عبد الكريم بويمجان بمرفق طبّي بهدف إخضاعه إلى عناية طبّية متناسبة مع حجم الضرر النفسي والبدني الذي لحق به. عبد الكريم يتواجد الآن ضمن مصحّة الطبّ النفسي بمستشفى الفارابي بوجدة، قادما إليها بناء على توصية طبّية من المستشفى الإقليمي بالنّاظور، إذ من المرتقب أن يخضع الشاب الفاقد لستّ سنوات من عمره، وما يتناسب وإياها من قوى بدنية وذهنية، إلى حصص طويلة من العلاج النفسي في محاولة لتجاوز الأزمة النفسية الواضحة التي يتخبّط فيها.. في حين يُرتقب أن يشرع القضاء الزجري بإقليم النّاظور في النّظر ضمن ملفّ هذه القضية مباشرة بعد تحديد النيابة العامّة للائحة الاتهامات والمُتّهمين.. حيث لا يُنتظر أن يختلف الحكم القضائي الرسمي عن الحكم المجتمعي الذي صدر على الفور بإدانة المُسهمين في محنة عبد الكريم.