قبيل ساعات قليلة من انتقاله إلى مطار الرباطسلا، حيث ستقله الطائرة عصر اليوم في زيارة عمل إلى تونس، أدى الملك محمد السادس صلاة الجمعة، مُرفقا بنجله ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وشقيقه الأمير رشيد، وذلك في مسجد "للا أسماء" بمدينة الرباط. وتطرق خطيب الجمعة إلى موضوع الإيمان بالغيب، قائلا إن "التمسك بالعقل واستعماله في أمور الدنيا أمر واجب، ولكن الاحتكام إلى ما تدركه عقولنا لا يعني أننا نحيط وندرك أمورا كثيرا من أمر الله وأمر خلقه"، مبرزا أن هذه الأمور "هي الغيب المنضبط بالشرع". وأفاد الخطيب، في حضرة الملك والأمراء، أن الله أثنى على عباده المتقين الذين يؤمنون به، فجعل إيمانهم بالغيب من أخص صفاتهم وأجل المقامات وأفضلها"، مردفا أن "الإيمان بالغيب هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل والمتضمن لانقياد الجوارح، حيث لا يتميز المؤمن عن الكافر إلا بالإيمان بما لم يره ولم يشاهده". وعرف الخطيب الغيب بكونه "ما غاب عن العقول والأنظار من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلية، وأخبر الله ببعضها واختص نفسه بأمور غيبية لا يعلمها أحد سواه"، مضيفا أن "التمايز بين الناس إنما يكون بالإيمان بالمغيبات مع الإذعان واليقين والرضا بعد العلم والاستدلال". وتحدث الخطيب عن الآثار العجيبة التي يخلفها الإيمان بالغيب في نفسية المؤمن وسلوكه، فهو ينشئ القوة الدافعة إلى العمل، ويربي الإرادة والعزيمة، ويحمي من السقوط والانهيار ويقوي جانب الاحتساب ويشعر بالمسؤولية، ويقرر العدل والقسط المطلق لله تعالى". وتابع الخطيب سرده لآثار الإيمان بالغيب "يؤكد قطعية نتائج التواب والعقاب، ويحمي من الآفات النفسية واليأس والقنوط، ويوقظ القلب، ويهون المصائب، ويغري بالتضحية في سبيل الحق، كما يورث في العبد المراقبة الدائمة والمستمرة لله تعالى". وسجل الخطيب بأن "الإيمان بالغيب له ثمرات جليلة، منها التسليم المطلق لله والخضوع لفعله وحكمه، وطمأنينة النفس وراحة القلب والارتياح لعدل الله"، معتبرا أن "الإيمان بالغيب ضروري لحياة المؤمن، فهو رحمة من الله ونعمة يمنحها للإنسان المؤمن". وأبرز أن الإيمان بالغيب أثر في الرعيل الأول من الصحابة والتابعين تأثيرا عظيما وأحدث في قلوبهم حركة عجيبة تغيرت بها حياتهم الفردية والأسرية والجماعية، ولذلك حق على المربين من الآباء والأمهات والمعلمين ترسيخ الإيمان بالغيب في قلوب الناشئة".